كاتب: طرح التسوية مع الإخوان في اجتماع السيسي وبن سلمان "محض خيال"

الثلاثاء - 21 يونيو 2022

الملف الاقتصادي هيمن على الزيارة واتفاقيات تجارية بقيمة 7.73 مليارات دولار

هيمنت زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى مصر على اهتمامات مقدمي البرامج الحوارية الليلة الماضية

واليوم الثلاثاء، وقعت الرياض والقاهرة، رزمة اتفاقيات اقتصادية وتجارية بقيمة 29 مليار ريال (7.73 مليارات دولار)، على هامش زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى مصر.

ومن جانبه، نقل موقع "مدي مصر" عن مصدر حكومي مطلع على الشؤون الثنائية المصرية السعودية قوله، 20 يونيو 2022: إن ولي العهد السعودي سيبحث هو والوفد المرافق في القاهرة عددًا من القضايا مع عبد الفتاح السيسي، ومسؤولين مصريين.

وأكد المصدر أنه سيتم أيضًا معالجة «ملفين غير تقليديين»، هما تسريع التقارب مع تركيا والإخوان المسلمين، مشيرًا إلى أن مصر تعمل على الجبهتين منذ عدة أشهر، لكن بوتيرة أبطأ مما تريده الرياض.

وعلق الكاتب المقيم في اسطنبول على هذا الطرح بأن " كل ما يتم الترويج له من أخبار عن أن ملف التسوية مع الإخوان سيكون حاضرا في اجتماع السيسي وبن سلمان هو محض خيال واسع، وفبركات صحفية لا صلة لها بالواقع ولا بالمعلومات ولا بالمنطق السياسي للمرحلة الحالية حتى في أبجدياته"، حسب قوله على "تويتر".

أفكار لايساندها منطق

وعرض تقرير "مدى مصر" المطول تحت عنوان (مصادر حكومية مصرية: بن سلمان يسعى لمصالحة مصرية مع تركيا والإخوان) أفكارا مبعثرة لا يساندها منطق، ومن ذلك أن السعوديين يسعون بطموح إلى «قيادة إعادة هندسة التحالفات الإقليمية» في الشرق الأوسط بعد سنوات من التوترات بين القاهرة وأنقرة بسبب الإطاحة بالرئيس المصري السابق، محمد مرسي، والموقف الشخصي للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ضد نظيره المصري، حسب مصدر حكومي مطلع على العلاقات الثنائية المصرية السعودية كما وصفه الموقع.

المصدر المجهل أضاف أن بن سلمان سيناقش شخصيًا المصالحة مع تركيا خلال لقائه مع السيسي، في حين ستتم مناقشة المحادثات حول الإخوان المسلمين في اجتماعات بين كبار المسؤولين في كلا البلدين.

وبحسب المصدر، يأمل ولي العهد أن يقدم نفسه للأمريكيين من خلال إرساء الأساس للتحالف الإقليمي للولايات المتحدة على أنه «صانع التوازن» في المنطقة، والقادر على توجيه دفة التحالفات الاستراتيجية الإقليمية.

تنافس سعودي إماراتي

ويرجع «إلحاح» السعوديين، الذي أشار إليه المصدر، على التقارب المصري التركي والتنسيق الأوسع مع جماعة الإخوان، إلى القلق بشأن محاولة الإمارات الموازية لتحقيق تقدم مع واشنطن في خطتها الخاصة بأُسس سياسة إقليمية جديدة.

وتبادلت السعودية ومصر مخاوفهما بشأن التحركات الإقليمية الأحادية للإماراتيين في السنوات الأخيرة، وكان أبرزها التطبيع الرسمي للعلاقات مع إسرائيل وتسهيل انضمام العديد من الدول إلى ما يسمى بـ "اتفاقيات إبراهيم".

وقال مصدران حكوميان مصريان آخران، تحدثا لـ «مدى مصر» قبل زيارة كانت مقررة إلى القاهرة من جانب بن سلمان في مايو الماضي تم تأجيلها، إن «القلق الذي تشعر به كل من القاهرة والرياض بشأن الخيارات السياسية لحاكم الإمارات المُعيّن حديثًا، محمد بن زايد، قد ساعد في التقارب بين مصر والسعودية على الرغم من بعض خيبات الأمل، التي لا يمكن تجاهلها لدى الجانبين.

وقال المصدر إن مصر «مستاءة» بشكل خاص من خيارات بن زايد في إثيوبيا وليبيا، ولا يزال السعوديون «غاضبين» من سياسات الإمارات بشأن اليمن.

ونسب "مدى مصر" إلى مصدر سياسي مطلع في القاهرة له حضور في دوائر صنع القرار، إن المحادثات قد بدأت بالفعل على المستوى الإقليمي بين مصر وقطر وتركيا بشأن الإخوان.

وقال المصدر: وافق القطريون والأتراك على أنهم من الآن فصاعدًا لن يسمحوا بأي نشاط للإخوان على أراضيهم، واستجابت مصر من حيث المبدأ لمطالب تحسين ظروف قادة وأعضاء الإخوان في السجن، والنظر في الإفراج عن بعضهم في المستقبل"

وأضاف المصدر أنه "من الصعب القول إن هذا الموضوع يحوز رضا الأجهزة الأمنية، لكن الأمور تتغير إلى حد ما"

وبحسب الموقع أيضا، أشارت الرواية الرسمية للدولة ووسائل الإعلام في الآونة الأخيرة، من حين لآخر، إلى المصالحة بين النظام المصري وجماعة الإخوان "وهناك تلميحات حول هذا الملف من جانب النظام ومحلليه السياسيين، مع نفي في الوقت نفسه لأي جهود في هذا الاتجاه إلا أن اهتمام السعودية بهذا الموضوع قد يدفع به إلى الواجهة".

وقبل يومين، أعرب رئيس حزب المحافظين، أكمل قرطام، في ظهور تليفزيوني عن دعمه للمصالحة مع الإخوان المسلمين بشرط أن يسبقها حوار موسع مع السلطات. وأشار قرطام إلى أن ممثلي الدولة يجرون بالفعل حوارًا مع الإخوان، وأنه في حال توصل الطرفان إلى توافق، يجب طرحه على الجمهور.

وقال قرطام إن المصالحة ستكون موضع ترحيب، وأنه لا يعارض إدراج شخصيات معارضة في المنفى، مثل أيمن نور، في الحوار الوطني الذي دعا إليه السيسي نهاية شهر رمضان.

وردًا على سؤال حول تصريحات قرطام، قال المصدر الحكومي الأول إن قرطام قد حصل على الأرجح على معلوماته من الإماراتيين، حيث تربطه علاقات عائلية بشخصيات في دوائر صنع القرار في أبو ظبي.

"الإخوان" ساحة تنافس!

وبحسب المصدر الحكومي الأول، فإن إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات مع جماعة الإخوان، أصبح أيضًا ساحة للتنافس بين الأطراف الإقليمية والدولية، حيث يقول المصدر إن كلًا من السعودية والإمارات «لديهما اتصالات قائمة مع قادة الإخوان المسلمين الدوليين»، مضيفًا أن جهود السعوديين الحثيثة لإيجاد حل للصراع مع النظام المصري تأتي كمحاولة لتجنب المنافسة مع الإمارات، وكذلك لاستباق «أحدث الجهود الأمريكية والبريطانية لبناء قنوات اتصال مع الجماعة».

ويضيف المصدر أن السعوديين «نجحوا في دعمهم لمرشد الإخوان المسلمين المؤقت المقيم في لندن، إبراهيم منير، في مواجهته مع محمود حسين المقيم في اسطنبول".

وزعم المصدر أنه بعدما جرى الاحتفاء ولي العهد سلمان من قبل لنجاحه في تحجيم التيارات السلفية التي كانت قوية الحضور في السابق، بدأ في الأشهر الأخيرة في تخفيف الضغط على هذه الجماعات.

وقال: «تعمل المملكة العربية السعودية الآن على استعادة نفوذها على الجماعات السُنية لتحقيق توازن ضد إيران التي تنشط مجموعاتها الشيعية من العراق، وعبر دول الخليج، إلى اليمن وسوريا ولبنان».

وتقول المصادر إن تقبل القاهرة للمبادرة السعودية (بشأن الإخوان) متصلة بحقيقة أنها في خضم أزمة اقتصادية حادة، ناجمة عن تأثير الغزو الروسي لأوكرانيا على الاقتصاد العالمي، أي أن سبب التقارب مع الاخوان في مصر هو الانهيار الاقتصادي.

ووفقًا للمصدرين الحكوميين اللذين تحدثا لـ «مدى مصر» في مايو الماضي 2022، سيناقش ولي العهد أيضًا في القاهرة خططًا لشراء أسهم في بعض الكيانات الاقتصادية المصرية الرائدة في مختلف القطاعات، حيث بدأت بالفعل محادثات من قبل الجهات الحكومية المختصة.

وبعيدا عن هذا السجال، توقع رئيس مجلس الأعمال السعودي المصري عبد الحميد أبو موسى، في مداخلة هاتفية مع لميس الحديدي في برنامجها "كلمة أخيرة" المزيد من الاستثمارات السعودية قريبا، بما يعني أن زيارة محمد بن سلمان قد تأتي بالمزيد من الاستثمارات وتؤمن للسعودية ملكيتها التامة على جزيرتي تيران وصنافير مع اختراق إسرائيل لهذا الملف في قمة بايدن المقبلة في جدة ، بحضور السيسي وتوقيعه على ما يرغب به الكفيل الخليجي.

في النهاية لا يمكن بحال تصور أن يغير بن سلمان والسيسي موقفيهما من الإخوان بهذه السهولة، إلا إذا كان الراعي الأمريكي يريد توظيف الإسلاميين ضمن كتلة عربية صهيونية يجرى تشكيلها حاليا في مواجهة روسيا وإيران، وهو ما يدفع النظامين السعودي والمصري لتخفيف الضغط على الإخوان والسلفيين.. وإن كان هذا أمرا مستبعدا في المدى القريب.