الإعلام الصهيوني أداة حرب..كيف انزلقت إدارة بايدين لقرارات عسكرية فورية ضد غزة؟

الخميس - 12 أكتوبر 2023

إنسان للدراسات الإعلامية- خاص:

كما أسس رئيس أمريكا الأسبق، جورج بوش (الابن) احتلال قوات بلاده للعراق وأفغانستان عام 2003على أكاذيب، بعد هجوم مجهولين على برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك يوم 11 سبتمبر 2001، كذلك فعل بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الكيان الصهيوني الشئ نفسه، فروّج لأكذوبة أن المقاومة الفلسطينية ذبحت النساء والأطفال بعد دخولها مستوطنات ومعسكرات غلاف غزة فجر السبت 7 أكتوبر الحالي، واتخذ هذه الأكذوبة ذريعة لحرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة على مدى الأيام الماضية.

الأخطر من ذلك هو أن الإدارة الأمريكية وحكومات الغرب اعتمدت الرواية الصهيونية بالأساس، لتبني عليها قرارات في منتهى الخطورة، ومنها تحريك حاملة طائرات أمريكية الى سواحل شرق المتوسط وإعلان الدعم الكامل والشامل بالسلاح والمال لدولة الاحتلال؛ لتقوم بدورها بذبح الفلسطينيين في غزة دون هوادة ودون تفرقة، وتمارس ضدهم سياسة الأرض المحروقة والإبادة الكلية.

لم تتبين الإدارة الأمريكية حقيقة التقارير التي تبثها آلة الإعلام الصهيونية ووقعت في الفخ (بمزاجها) هي وكافة الحكومات الغربية، فالمتابع لتحركات الساسة الأمريكيين والأوروبيين يدرك أن الرواية الصهيونة جاءت على هواهم، كفرصة للانقضاض على المقاومة الفلسطينية، وفي القلب منها حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، في حين أن هؤلاء الساسة أنفسهم غضوا ويغضون الطرف، على مدى أعوام عديدة عن انتهاكات قوات الاحتلال ضد الفلسطينيين العزّل بمن فيهم النساء والأطفال.

ظهر الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن ومستشاريه الأمنيين ووزير خارجيته أنطوني بلينكن، على مدى الأيام الماضية؛ ليعلنوا دعمهم غير المحدود للكيان الصهيوني ويعلنوا قرارات غير مسبوقة عن أوجه هذا الدعم، مصدّرين ذلك بأن "من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها" و"أننا ندعمها وسنظل ندعمها إلى الأبد"، مع إشارة في تصريحاتهم إلى "وحشية حماس" والتأكيد دائما على أنها "منظمة إرهابية".

الرواية الكاذبة

هذا الموقف، الذي يتسق مع سلوك الإدارة الأمريكية، المعادي بطبيعة الحال للحركات الإسلامية والداعم للكيان الصهيوني، يبدو هذه المرة مبالغا فيه وغير متوقع، لكنه جاء بهذا القدر من الصلف نتيجة الصدمة الناتجة عن اقتحام المقاومة لمستوطنات ومعسكرات غلاف غزة وقتل وأسر عدد كبير من الجنود والمستوطنين الصهاينة، في تطور لم يحدث منذ إعلان قيام دولة الاحتلال عام 1948، كما جاء مدفوعا بكذبة أولية، نشرتها مراسلة قناة I24 News (نيكول زيدك) عبر منصة إكس، مروجة لتقرير مزيف نشرته عن مقتل نحو 40 رضيعا مع عائلاتهم في "كيبوتس كفار عزة" بغلاف غزة*، واعتمدته الحكومة الصهيونية لتكسب بها تعاطف ومواقف الدول الغربية.

 المراسلة عادت لتقول في تغريدة على منصة "إكس"، إن "الجنود هم من أخبروها أنهم (يعتقدون) مقتل 40 رضيعا هناك"، مما شكل استدارة تكشف زيف ادعاءات الاحتلال والصحف الغربية التي تناولت في عناوينها أن "حماس قطعت رؤوس 40 طفلا إسرائيليا"،  خاصة الصحف البريطانية (ديلي تلغراف، مترو، التايمز، ذا صن، وغيرها).

 في المقابل رفضت سكاي نيوز البريطانية تسجيل الخبر، بعد 3 محاولات اتصال مع جيش الاحتلال الذي رفض تاكيد الخبر، وشرحت سكاي نيوز سبب عدم تغطيتها لادعاءات "قطع رؤوس الأطفال" بقولها: “لم نر دليلاً على ذلك… لقد طلبنا من الجيش الإسرائيلي ثلاث مرات تأكيد ذلك… ولم يفعلوا ذلك بعد”.(رابط فيديو سكاي نيوز)

لم تتبين الإدارة الأمريكية الحقائق، أو يبدو أن هذه الرواية الكاذبة جاءت على هواها، فاندفع كل أقطاب الإدارة، وفي مقدمتهم الرئيس بايدين للتشنيع على حماس وإعلان دعم إسرائيل بكل السبل للانتقام من المقاومة، ولم يأت أحد منهم على ذكر أطفال فلسطين وغزة الذين يذبحون ليل نهار.

تراجع أمريكي

ولما تكشّف هذا الكذب وبات من الصعب إنكاره، أصدر البيت الأبيض توضيحا نشرته أكثر من وسيلة إعلامية، وإن لم تتغير سيلسة الإدارة على الأرض، ومن ورائها كل حكومات الغرب، في إظهار الدعم لإسرائيل وتزويدها بكل ما يلزمها من أسلحة لإبادة الفلسطينيين في غزة.

وفجر الخميس 12 أكتوبر، نسبت واشنطن بوست إلى البيت الأبيض تراجعه عن تصريحات بايدن بشأن رؤيته صورا لفظائع مزعومة خلال هجوم حماس.

ونقلت الصحيفة عن البيت الأبيض: "لا بايدن ولا أي مسؤول رأى صورا أو تأكد من صحة تقارير بشأن قطع إرهابيين رؤوس أطفال".

أضافت أن "تصريحات بايدن بشأن الفظائع المزعومة استندت إلى مزاعم متحدث باسم نتنياهو..واستندت أيضا إلى تقارير إعلامية إسرائيلية".

وقال مسؤول أمريكي لقناة الجزيرة: إن "ما قاله بايدن بشأن فظائع مزعومة في هجوم حماس مصدره تصريحات مسؤولين إسرائيليين".

هكذا فعلها الإعلام المنحاز وغير المهني وكانت أسطورة جديدة لحرب إبادة ما زال أوارها يستعر على أرض غزة، وسط تخاذل عربي رسمي مهين.

ويبدو أن الجريمة كانت مبيته، لكن السلوك الإعلامي المشين والدعاية السوداء لدولة الاحتلال كانا في صلب عملية صب الزيت على النار وتجييش الغرب كله، شعوبا وحكومات، ضد حمااس، وهو ما بدا في مناقشات الإعلام الغربي منذ اللحظات الأولى للعملية البطولية للمقاومة على أرض فلسطين المحتلة