لدعم السيسي أم العكس.. لماذا اختار بايدن 11 نوفمبر لحضور قمة المناخ؟
الاثنين - 31 أكتوبر 2022
جاء إعلان البيت الأبيض، 28 أكتوبر 2022، أن الرئيس الأمريكي جو بايدن سيتوجه إلى مصر للمشاركة في قمة المناخ (كوب 27)، يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، ليطرح تساؤلات عن تاريخ ودلالات الزيارة .. هل التوقيت تم اختياره لسبب ما وهل له مخزي؟.
المفترض أن القمة ستبدأ يوم 6 نوفمبر وتنتهي يوم 18 فلماذا اختار بايدن الحضور يوم 11 فقط والسفر في نفس اليوم؟ وهل اختيار بايدن ليوم 11/11 لحضور قمة المناخ يستهدف تركيز الضوء عالميا على المظاهرات ومن ثم دعم اسقاط السيسي في ظل دعوات مصريين للنزول ضد السيسي يوم 11/11، أم أنه سيحضر لدعم النظام؟ علما أنه لم يحدد هل سيلتقي السيسي أم لا في لقاء خاص؟
وخلال الأيام القليلة الماضية، خرجت دعوات عبر وسائل التواصل الاجتماعي تحث الناس على النزول للشوارع في مصر يوم 11 نوفمبر المقبل للمطالبة بإسقاط بالنظام.
واستخدم مغردون وسوم تروج للتحشيد والتظاهر في "جمعة 11 نوفمبر" منها "#ارحل_يا_سيسي" و"#انزل_لإسقاط_السيسي" و"إنزل_11_11"، وذلك في رفض لنظام عبد الفتاح السيسي، المتواجد في السلطة منذ عام 2014.
الضباط السابق في القوات الجوية شريف عثمان قال إن بايدن لن يأتي لدعم نظام السيسي بل على العكس ليرجح كفة الثورة على السيسي. (تويتر)
لكن نشطاء وخبراء سياسيين لاحظوا أن تحديد اليوم مرتبط بزيارات أخري وجولة للرئيس الأمريكي وأنه مرتبط ببرنامج زيارات في آسيا لبلدين مختلفين هما كمبوديا وإندونيسيا.
وقال بيان البيت الأبيض إن بايدن سيحضر المؤتمر في 11 نوفمبر قبل أن يتوجه إلى كمبوديا لحضور القمة السنوية بين الولايات المتحدة ومجموعة آسيان، ثم إلى إندونيسيا للمشاركة في قمة مجموعة العشرين.
وبعد مشاركته في "كوب 27" سيزور الرئيس الأميركي كمبوديا في الفترة من 12 إلى 13 نوفمبر للمشاركة في القمة السنوية بين الولايات المتحدة ورابطة أمم جنوب شرق آسيا وقمة شرق آسيا.
زيارة بايدن لمصر وشرم الشيخ تحديدا التي تحولت إلى "ثكنة عسكرية"، بحسب تقرير لموقع "ميدل إيست آي"، يطرح تساؤلات حول: هل إدارة بايدن مقتنعة أن دعوات التظاهر يوم 11/11 لن تؤثر على حكم عبد الفتاح السيسي؟ أم أن مجرد حضور الرئيس الأمريكي يشكل ضمانة نسبية تحرج السلطات المصرية لو مارست القمع وانتهاك حقوق الانسان ضد أي احتجاجات قد تندلع؟.
أم أن الزيارة مكافأة للسيسي على دوره في حماية أمن إسرائيل وتدخله لتكميم صواريخ المقاومة في غزة وتعاونه الأمني مع تل ابيب؟ أي تصب في خانة المصالح الأمريكية البحتة والرغبة في إظهار دعمها لرجلها في المنطقة الذي يحمي مصالحها؟
الزيارة ستكون الأولي لبايدن إلى مصر منذ رئاسته الولايات المتحدة عام 2020 بعد فترة تجاهل لنظام السيسي بسبب سجل حقوق الانسان، وتأتي برغم علم أمريكا بالدعوات للمظاهرات في مصر خلال قمة المناخ، وتحذير السفارة الأمريكية من اضطرابات محتملة.
كما تأتي زيارة بايدن إلى مصر بعد حجب واشنطن 130 مليون دولار من معونة مصر العسكرية وتحويلها لمبادرات مناخية جديدة في دول جزر المحيط الهادئ، ثم 75 مليون أخري بقرار من الكونجرس، ليصل الإجمالي الي 205 مليون دولار.
وكشفت مساعدة وزير الخارجية الأمريكية، باربرا ليف، أن إجمالي المساعدات العسكرية التي حجبتها الإدارة الامريكية بلغ نحو 205 ملايين دولار، وهو ما يأتي على خلفية وضع حقوق الإنسان في مصر.
ولم يذكر بيان البيت الابيض شيئًا حول ما إن كانت الزيارة إلى شرم الشيخ ستشمل لقاء ثنائي بين الرئيس الأمريكي وعبد الفتاح السيسي.
وكان بايدن عقد لقاءً وحيدً سابقًا مع السيسي في جدة بالمملكة العربية السعودية، على هامش قمة مجلس التعاون الخليجي التي عقدت في جدة.
وشهد ذلك اللقاء بين بايدن والسيسي التطرق إلى أربعة ملفات رئيسية هي: الأمن الغذائي، واضطرابات إمدادات الطاقة إلى جانب أزمة سد النهضة، وإحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وبينما لم يتطرق بيان المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية في حينها إلى تناول اللقاء ملف حقوق الإنسان، قال «البيت الأبيض» من جانبه في بيان صدر بذلك الوقت، إن لقاء بايدن والسيسي تطرق إلى التزام البلدين المتبادل بإجراء حوار بناء حول ملف حقوق الإنسان، باعتباره جزءًا لا يتجزأ من الشراكة القوية بين الولايات المتحدة ومصر.
وذكر البيان أن الرئيسين سيواصلان التشاور بشأن ضمان تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في المجالات السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وجاء اللقاء الأول للسيسي وبايدن كخطوة نحو إزالة توتر العلاقات بين الرئيسين، الذي سبق وعبر عنه بايدن خلال ترشحه للرئاسة، بوصف السيسي في تغريده له في يوليو 2020 بـ«ديكتاتور ترامب المفضل» ضمن انتقاده لسياسة القبض على النشطاء السياسيين في مصر متعهدًا بعدم «إعطاء مزيد من الشيكات على بياض للسيسي».
وهو الموقف الذي بدأ بايدن في التخفف منه بداية من مايو 2021 بعد أن تدخلت السلطة المصرية لوقف إطلاق النار في غزة، والتوسط بين الفلسطينيين والإسرائيليين ومن ثم تحقيق أحد مصالح أمريكا في حماية اسرائيل من صواريخ المقاومة عبر السيسي.
مصالح متبادلة
تقول "ايمي هوثورن" رئيسة "مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط" (بوميد) إن الرئيس الأمريكي بادين يقدر السيسي بسبب 6 أشياء بينها: دور مصر في تعزيز السلام في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والحفاظ على هدوء "مستدام" بين إسرائيل والفلسطينيين، والمساعدة على توطيد الهدنة اليمنية، واستضافة COP27.
أما السيسي فيقدر بايدن لشيء واحد هو المعدات العسكرية والمساعدة الأمنية التي تقدمها أمريكا لنظامه.(تويتر)
وطالبت مجموعة "العمل الخاصة من أجل مصر"، وهي مجموعة من خبراء الشؤون الخارجية من الحزبين الديمقراطي والجمهوري الأمريكيين في رسالة للبيت الأبيض، 28 أكتوبر 2022 الرئيس بايدن بالتركيز خلال زيرته لمصر على السجل المروع في مجال حقوق الإنسان".
وطالبته بمقابلة مدافعين مصريين مستقلين عن حقوق الإنسان أثناء الزيارة ومطالبة عبد الفتاح السيسي بـ "خطوات فورية لتحسين الحقوق في البلاد والضغط عليه من أجل حرية التعبير للمجتمع المدني".
طالبوه بإطلاق سراح السجناء السياسيين ورفع حظر السفر وتجميد الأصول والكف عن مضايقة ومقاضاة الصحفيين ومنظمات المجتمع المدني وانهاء الحجب غير القانوني للمواقع الإخبارية والمواقع الإلكترونية الأخرى.
قالوا: "إن وحشية النظام وحكمه الفاسد وغير الخاضع للمساءلة ليس فقط أمرًا مستهجنًا من الناحية الأخلاقية، يزيد من احتمالية عدم الاستقرار في أكبر دولة في الشرق الأوسط من حيث عدد السكان".
وكانت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، ذكرت في أغسطس/آب 2022، أن هناك خلافاً حاداً بين إدارة الرئيس الأمريكي بايدن والكونغرس، بشأن الموافقة على إرسال المساعدات العسكرية الأمريكية السنوية إلى مصر.
المجلة قالت: إن الإدارة تُعارض الموافقة على إرسال المساعدات العسكرية بسبب ملف حقوق الإنسان السيئ في مصر، لكنها أشارت إلى أنها قد تكون منفتحة على السماح بالمساعدات مع إدخال بعض التخفيضات في الدعم العسكري السنوي لمصر، البالغ 1.3 مليار دولار، حيث يستخدم الدعم لتعزيز العلاقات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة ومصر، والإسهام في استقرار العلاقات بين مصر وإسرائيل.
تحذير السفارة الأمريكية
غموض زيارة بايدن تزامن مع تحذير السفارة الأمريكية في القاهرة رعاياها، مساء الجمعة 28 أكتوبر/تشرين الأول 2022، من احتمالية اندلاع احتجاجات في مصر، داعيةً إياهم إلى توخي الحذر، والابتعاد عن أماكن المظاهرات "المحتملة"
قالت السفارة في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني: "على مدار الساعات الـ 24الماضية، شهدت مصر انخفاضاً كبيراً في قيمة العملة (الجنيه المصري)، ما أثّر على اقتصادها وسكانها، فيما تدعو بعض المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي حالياً إلى احتجاجات في القاهرة"
أضافت السفارة الأمريكية: "تشير منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي إلى إغلاق المقاهي بعد المباراة في إطار الاحتجاجات لذلك، يجب على المواطنين الأمريكيين أن يكونوا على دراية بإمكانية حدوث احتجاجات"
كما طالبت المواطنين الأمريكيين بأن "يظلوا يقظين، وأن يتجنبوا مناطق الاحتجاج المحتملة"، فيما قالت: "إن السفارة ليست لديها أي معلومات عن الموقع المحدد لأي احتجاجات، كان ميدان التحرير في وسط القاهرة موقعاً للعديد من الاحتجاجات في الماضي"
ودعت السفارة الأمريكية في القاهرة مواطنيها إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات، كان على رأسها "مراقبة وسائل الإعلام المحلية للحصول على التحديثات، وتجنب المظاهرات والحشود، والابتعاد عن الأضواء، وأن يكونوا على بيّنة من محيطهم"