"لوموند": هكذا روجت "إسرائيل" دعاية كاذبة حول "حماس"

السبت - 20 أبريل 2024

  • قطع رؤوس 40 طفلا خلال طوفان الأقصى.. "شائعة اختلقتها إسرائيل وتلقفها إعلام الغرب"
  • ما قالته "إسرائيل" ادعاءات إعلامية قذرة لا أساس لها من الصحة وبدلا من إنكارها حاولت استغلالها!
  • "حماس": تقرير "لوموند" خطوة جديدة لفضح السلوك الفاشي لحكومة الاحتلال الصهيوني

 

إنسان للإعلام- قسم الترجمة:

أكدت صحيفة "لوموند" الفرنسية، في تقرير استقصائي نشرته 3 أبريل 2024، أن ما قالته "إسرائيل" عن قيام حماس بقطع رؤوس الاطفال في 7 اكتوبر ادعاءات إعلامية قذرة لا أساس لها من الصحة، ضمن المعركة الإعلامية مع حماس.

 وتضمن التقرير الإشارة الى التناقضات الاسرائيلية سواء في تصريحات الجيش او وسائل الإعلام الاسرائيلية بشأن هذا الادعاء الكاذب.

وبعدما نشرت لوموند تحقيقا حول هذه الأكاذيب أو الشائعة التي اختلقتها الدعاية الصهيونية، وتلقفها إعلام الغرب وروج لها دون أي تثبت، نقلت الصحيفة الفرنسية عن المكتب الصحفي لحكومة الكيان الصهيوني تأكيده رسميا أنه "لا صحة للعثور على أطفال مقطوعي الرأس بمستوطنة كفار عزة أو في مكان آخر".

وقالت الصحيفة إن "إسرائيل" لم تفعل شيئا لمحاربة المعلومات المضللة، وفي كثير من الأحيان حاولت استغلالها بدلا من إنكارها" ضمن الحرب الإعلامية، كما أن الصحف الغربية التي نشرت هذه الأكاذيب لم تحاول التأكد منها؛ ما يطعن في مهنيتها.

أكدت أن "مكتب نتنياهو أكد لنا أنه ألا صحة لهذه الإشاعات، و"بايدن" زعم أنه شاهد جثث الأطفال، والجيش الاسرائيلي دعا الصحفيين، بمن فيهم مراسلينا، لزيارة كفار عزة، وتبين أن الجثث التي شاهدوها كانت لأشخاص بالغين لا أطفال.

"لوموند" أكدت أن الشائعة التي انتشرت يوم 10 أكتوبر 2023 بخصوص الأطفال مقطوعي الرؤوس ما تزال منتشرة بعد 6 أشهر على اندلاع الحرب على غزة، مما أثار اتهامات ضد "إسرائيل" بالتضليل.

وأوضحت الصحيفة، في تحقيق مطول، أن طوفان الشهادات عن جرائم القتل والنهب والتشويه، الذي أعقب هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل يوم 7 أكتوبر 2023، انتشرت خلاله شائعة اتخذت أبعادا غير عادية، وهي أنه تم العثور على 40 طفلا مقطوعي الرؤوس في (كيبوتس) مستوطنة "كفار عزة"، رغم أن ذلك لم يحدث في كفار عزة ولا في أي كيبوتس آخر، حسبما أكد المكتب الصحفي للحكومة الإسرائيلية للصحيفة.

قالت: إن الحسابات الإسرائيلية الرسمية مازالت تنقل منذ العاشر من أكتوبر الماضي ادعاءات قذرة لا أساس لها من الصحة، مما أثار اتهامات لإسرائيل بالتضليل، بل إن هذه القصة وتفاصيلها انتشرت بشكل غير مسبوق، حتى إن البيت الأبيض تحدث عنها، وتساءلت الصحيفة عن كيفية نشوء وانتشار تلك المعلومات الكاذبة.

لا يوجد أي دليل

بدأت الصحيفة تقريرها مما نقله مراسلها في القدس "صامويل فوري"، الذي شارك في الزيارة التي نظمها جيش الاحتلال لعشرات الصحفيين والمراسلين الأجانب إلى كيبوتس كفار عزة، حيث قتل 60 شخصا.

وقال فوري إنه وصل إلى المكان ولا تزال الجثث في كل مكان، قتلى إسرائيليون ملفوفون في أكياس، أو مقاتلو "حماس" ممددون حيث سقطوا.

وقال فوري: إن المسؤول في لوموند اتصل به مباشرة بعد الزيارة التي استمرت 90 دقيقة، وسأله هل رأيت أطفالا مقطوعي الرؤوس؟ ليرد "رأيت المعلومات على شبكات التواصل الاجتماعي وأنا في طريق عودتي، لكن لا يبدو أن هناك ما يؤكد ذلك".

وتابع: "لم يتحدث معي أي جندي عن ذلك، وقد تحدثت مع 6 منهم. لا أعتقد أن هذه القصة ممكنة. كان الجنود في الكيبوتس منذ اليوم السابق. كان من الممكن توثيق مثل هذا الحدث الفظيع، ولم يصرح به أي جندي لأي من الصحفيين".

وأوضح الصحفي أنه اتصل بمنظمتين للإسعافات الأولية، ولم يذكر أحد قطع الرؤوس ولم ينكره، ولكن الصورة القوية -كما يقول- لها الأسبقية على الواقع، فهو يخدم تصوير "حماس" تجسيدا للشر المطلق.

وقال صحفي لوموند: إن هذا كان أساس رسالته التي نشرها على موقع "تويتر"، في اليوم التالي لزيارة كفار عزة، ولكنه لاحظ بعد مرور بعض الوقت، أن منشوره لم يعد متاحا في فرنسا وبعض البلدان الأوروبية، وبالتالي ثبت لديه أن قصة الأطفال مقطوعي الرؤوس معلومات كاذبة.

يكذبون لجمع التبرعات!

وأكدت "لوموند" أنه تواجد في مكان الحادث رجال إنقاذ من منظمة "زاكا"، وهي منظمة غير حكومية يهودية متطرفة مسؤولة عن انتشال الجثث وفقا للتعاليم اليهودية، وهؤلاء قالوا للصحافة إن امرأة حاملا تم نزع أحشائها وطعن جنينها، وهو ما لم يحدث أبدا، كما أكد نحمان ديكشتيجن، المتطوع بـ"زاكا" لصحيفة لوموند.

وأضاف "ديكشتيجن": "لقد رأى رجال الإنقاذ الكثير من القتلى وجثث النساء والأطفال وأجزاء من أجساد، وربما قالوا أشياء تخيلوها".

وقال مؤسس "زاكا" يوسي لانداو إنه "رأى بأم عينيه أطفالا ورضعا مقطوعي الرؤوس"، ولكن صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية كشفت في وقت لاحق أن الجمعية، التي كانت في وضع مالي غير مستقر، وحاولت الاستفادة من المأساة لجذب التبرعات!!

ونقلت لوموند عن صحفي إسرائيلي قوله إن رقم 40 طفلا الذين قتلوا في كفار عزة أتى من مايكل ليفي، وهو طبيب احتياطي ناطق بالفرنسية، وقد أنكر الترويج لذلك الرقم بشكل قاطع.

لكن عندما سألته لوموند، أكد أنه رأى طفلا صغيرا مقطوع الرأس في كفار عزة، وهو ادعاء غائب عن شهادته أمام الكاميرا، ويتناقض مع التقارير الرسمية التي تفيد بأن أصغر ضحايا الكيبوتس يبلغ من العمر 14 عاما.

حرب معلومات مضللة

انطلقت الإشاعة وهذه الأكاذيب مع أول ذكر لأطفال مقطوعي الرؤوس من قبل صحفية "آي 24 نيوز" الإسرائيلي نيكول زيديك، عندما قالت في بث مباشر من كيبوتس كفار عزة، إن جنودا تحدثوا عن "أطفال رؤوسهم مقطوعة، هذا ما يقولونه"، وتابعت أن "حوالي 40 طفلا حملوا على نقالات"، مع أنها لم تشاهد شيئا، كما تقول الصحيفة.

ولم تصحح "آي 24 نيوز" قصة قطع الرؤوس التي أطلقتها إلا في 30 نوفمبر 2023 قائلة: "بينما أصبحت الأرقام الرسمية أكثر وضوحا، نقوم بتصحيح تقريرنا الأولي"، وقد حذفت عبارة "40 طفلا".

وأكدت الصحيفة أنه رغم نفي هذه الإشاعة في الخارج، فإنها لا تزال حية داخل إسرائيل ولا يزال الشارع الإسرائيلي يتحدث عن هذه القصة وكأنها حقيقية، والتشكيك فيها يعني بالنسبة لجزء كبير من الإسرائيليين التشكيك في هجمات 7 أكتوبر

وفي المساء كرر إيلون ليفي، المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية المعلومات الواردة من الصحفية، وكتب: "لقد قطعت حماس رؤوس أطفال رضع. سوف نقوم بالقضاء عليها"، يتحدث أحد صحفيي شبكة "سي إن إن" عن "الأطفال" و"الرؤوس المقطوعة" مع تطور الشائعات.

وأدان متحدث باسم الجيش الإسرائيلي "ذبح الأطفال، حتى قطع رؤوسهم"، ووصف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الناطق بالفرنسية أوليفييه رافوفيتش، "مقبرة جماعية حقيقية" تم اكتشافها في كفار عزة، وذكر أن "الأطفال تم ذبحهم، بل وتم قطع رؤوسهم"

وتبنت الصحافة الغربية عموما الرواية -حسب لوموند-وتناقلتها الصحف الشعبية الإنجليزية، وخلافا للتيار، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز 3 أطفال فقط متوفين ودعت إلى الحذر.

وأشارت كالة الصحافة الفرنسية إلى مقتل طفلين فقط في كفار عزة ودعت إلى الحذر، ولأول مرة قال الجيش الإسرائيلي إنه ليست لديه "معلومات تؤكد مزاعم" قطع رؤوس الأطفال على يد "حماس"

وفي مقطع فيديو، كذبت أيضا وزارة الخارجية الإسرائيلية وزعمت أن "40 طفلا قتلوا على يد إرهابيي حماس" وتتعهد "ببذل كل ما في وسعها لحماية الأطفال الإسرائيليين"، مع أنه لم يسبق أن تم استخدام الشائعات بهذا الوضوح في الاتصالات الحربية.

وادعى الرئيس الأميركي جو بايدن أنه شاهد "صور الإرهابيين وهم يقطعون رؤوس الأطفال"، خلال لقاء مع زعماء الجالية اليهودية الأميركية.

وهكذا- بحسب لوموند- أصبحت هذه الشائعة عنصرا من عناصر حرب المعلومات، حيث تطور إسرائيل خطابا مزدوجا حذرا من جهة، وانتقاميا من جهة أخرى، مع أنها اعترفت على شبكة "سي إن إن"، بأنها لا تستطيع تأكيد قصة الأطفال مقطوعي الرؤوس، مما دفع الصحفية الأميركية سارة سيدنر إلى الاعتذار.

وقالت الصحيفة إن استغلال إسرائيل للشائعات أصبح سلاحا يستخدمه خصومها، فبعد أن تناقلت الحسابات الإسرائيلية الشائعةَ، سعى بعض مستخدمي الإنترنت إلى تسليط الضوء على قصة "40 طفلا"، دون أن يخفوا كراهيتهم لإسرائيل، حسب الصحيفة.

ونقلت عن المعلق السياسي الأميركي جاكسون هينكل عن "الكذبة"، وقال في رسالة شوهدت أكثر من 5 ملايين مرة إنه "لم يتم قطع رؤوس الأطفال"، وأكد أن "إسرائيل كذبت بشأن الجميع".

ماذا قالت حماس؟

وقالت حركة المقاومة الفلسطينية حماس إن التحقيق الذي نشرته لوموند الفرنسية حول الدعاية الصهيونية الزائفة التي رافقت أحداث السابع من أكتوبر، والذي تضمّن إقراراً من المكتب الصحفي التابع لحكومة العدو الصهيوني، بعدم صحة رواية "قطع رؤوس الأطفال" التي روّجت لها آلة الدعاية الصهيونية؛ هو خطوة جديدة لفضح السلوك الفاشي لحكومة الاحتلال الصهيوني، والذي اعتمد على استغلال هذه الروايات ونشرها، للتحريض على شعبنا الفلسطيني، وتبرير المجازر والفظاعات وحرب الإبادة التي يشنّها ضد المدنيين العزل في قطاع غزة.

أكدت، في بيان، أنه أمام هذه الحقائق التي تتكشف تباعاً؛ فإن على الدول والحكومات والمؤسسات، التي تبنت الرواية الصهيونية الكاذبة التراجُع فوراً عن مواقفها ضد شعبنا ومقاومته

وقالت: إن على وسائل الإعلام التي تساوَقت مع هذه الدعاية دون أي التزام بقواعد المهنية الصحفية الاعتذار عن مساهمتها في تشويه نضال شعبنا الفلسطيني، وتعديل مسارها، وتكثيف الجهود لنشر وتوثيق الجرائم التي يتعرّض لها شعبنا الفلسطيني خصوصاً في قطاع غزة، من حرب تجويع ومجازر وإبادةٍ ممنهجة على يد جيش الاحتلال الصهيوني المجرم.

نص التقرير الأصلي هنا