محاربة الفساد في مصر بين مرسي المنتخب والسيسي المنقلب

السبت - 1 أكتوبر 2022

- أشرف الشربيني

أعلن مرسي من أول يوم حربه على الفساد في حين مكّن السيسي للفساد بكل صوره   

 

إنسان للإعلام- خاص

مقدمة:

لا وجه للمقارنة بين إجراءات الرئيس مرسي لمحاربة الفساد وبين كم الفساد الهائل الذي عاد مع انقلاب السيسي بأقوى مما كان في ظل حكم العسكر منذ 1952 وحتى الآن.

الرئيس مرسي وقف بالمرصاد لفساد عصر مبارك، فجاء دستور 2012 بمادة جديدة لمكافحة الفساد، وبقرارات جريئة قام الرئيس بتنقية الأجهزة الرقابية ممن كانوا يمثلون عقبة أمام القيام بمهامها، وأخضع ديوان رئيس الجمهورية للرقابة لأول مرة في التاريخ، وأنشأ (ديوان المظالم) لتلقي شكاوى المواطنين، وفتح ملفات الفساد، ومنها ملف فساد آل ساويرس، الذي رفض الرئيس مرسى اتخاذ اية إجراءات استثنائية في التعامل معه.

ولكن سرعان ما انتفضت الدولة العميقة التى استشعرت الخطر على مكتسباتها منذ انقلاب 1952، فكان أول ما فعله قائد الانقلاب السيسي هو نزع الحماية عن أجهزة مكافحة الفساد من الدستور.

وتبع ذلك، اتجاه سلطة الانقلاب إلى فرض سيطرتها على الأجهزة الرقابية لتتتابع بعد ذلك القرارات التي أعادت تدوير شلة الفساد مرة أخرى، ومكنتهم من مفاصل جهاز الحكم صار الفساد عنوانا لمرحلة ما بعد الانقلاب!

في هذه الدراسة، نكشف كيف تعامل الرئيس مرسي مع مظاهر وممارسات  الفساد في مصر وكيف أعادها السيسي بأبشع مما كانت عليه في عصور ما قبل ثورة 2011م.

أهداف الدراسة:

  • الكشف عن أبعاد الفساد أيام حكم مبارك لمصر
  • التعريف بجهور الرئيس محمد مرسي لمحاربة الفساد
  • بيان كيف أعاد الانقلاب العسكري بقيادة السيسي مظاهر الفساد لكل أركان الدولة

منهج الدراسة:

استخدم الباحث في هذه الدراسة المنهج المقارن، وهو أحد مناهج البحث العلمي التي تمكن من عمل مجموعة من المقارنات بين الظواهر؛ للتعرف على وجه الشبه فيما بينها، وكذلك وجه الاختلاف أيضًا، وبالتالي يكون أمام الباحث العلمي فرصة للتعرف على الظواهر وقياس التباينات وتفسيرها بكل سهولة.

كيف يتمكن الفساد؟

يتمكن الفساد من مجتمع عندما يفقد المجموع الاحساس بأن ذلك المجتمع ملك للجميع، فاذا ما استعلت فئة أو طبقة بما تمتلكه من سلطة فوق الجميع، فحينئذ تبدأ أعظم الشرور، اذ تتكون طبقة منتفعين محتمية بتلك الفئة، ليصبح بعدها الفساد سرطان يسرى فى مفاصل المجتمع، فتتآكل قواه الحية ، فيبدأ المجتمع فى التفكك والتحلل شيئا فشيئا، ليصبح بعد ذلك ضَيعة فى جيب هذه الفئة أو تلك.

الفساد وأنواعه

برغم تعدد تعاريف الفساد، الا أن ما هو محل إجماع، هو أن الفساد يعنى، (إساءة استعمال السلطة الممنوحة لتحقيق مكاسب خاصة لفرد او لمجموعة أو لطائفة)

فهناك سلطة ممنوحة، وهناك فاسد خارج معايير النزاهة، وهنا مستفيد من هذا الفساد.

والفساد على ثلاثة أنواع:

أولها الفساد المالي، وهو الفساد الذي يمارسه الفاسد من أجل تربح مالي.

والنوع الثاني فهو الفساد الإداري، الذي يضم الواسطة والمحسوبية والإهمال والتهاون في العمل

أما النوع الثالث هو الفساد السياسي، الذي يقوم به الفاسد من أجل تحقيق مكاسب سياسية.

وأخطرها هو النوع الثالث، اذ يكون ورائه فى الغالب أحد أطراف السلطة، وربما يكون هو أكبر رأس فيها..

وقد أشار الى هذا المعنى الخبير بشئون مكافحة الفساد الدكتور أحمد صقر عاشور ممثل مصر في منظمة الشفافية الدولية السابق، وأستاذ الإدارة بجامعة الإسكندرية، وهو يعلق على ترتيب مصر في مؤشر الشفافية الدولية حيث قال بأنه مؤشر مضلل لأنه لا يوضح منبع الفساد ولا يحدده لكنه يرصد الفساد المتوسط، ولا يحدد القطاعات الأكثر فسادا وبالتالي لا يمكن من التشخيص، ولذلك هو مؤشر انطباعي غير مبني على الخبرة، ويسمى مؤشر مدركات الفساد، أي أنه الفساد الذي نظن أنه موجود.

كما أشار إلى أن هذا المؤشر لا يقترب من الفساد السياسي أو المنظومي الخاص باقتناص الدولة وسيطرة عائلات معينة على المميزات في الدولة، وأيضا تزاوج السلطة والثروة والذي كان سائدا في مصر قبل الثورة.

وعن طريقة عمل الاجهزة الرقابية فى مصر، قال عاشور: بأن الأجهزة الرقابية الحالية تلاحق الفساد بعد حدوثه لكنها ليست للمنع وللإصلاح ولتقليل الفساد. (1)

علاقة الفساد بالديمقراطية

برغم أن قضايا الفساد موجودة فى كل نظم الحكم، الا أن الفساد فى الدول ذات الحكم الديمقراطى أقل منه فى الدول الدكتاتورية. فالدكتاتوريات بيئة مناسبة جدا لنمو أنواع الفساد المختلفة، بينما فى أنظمة الحكم الديمقراطية حيث يتم تداول السلطة، وتتواجد آليات المحاسبة من خلال أدوات السلطة التشريعية.. كل ذلك يمثل بيئة طاردة للفساد أو على الاقل محاصرة له، فيترعرع الفساد أكثر فى الدول التى يحكمها عسكريون بعد انقلابات أكثر من تلك التى يكون فيها الحكم شوريا ديمقراطيا.

امبراطورية فساد مبارك

على غير عادة أسلافه، أحاط مبارك (1981-2011) نفسه بمجموعة من رجال الاعمال، كانوا هم حاشيته المقربين. وفي حقبة التسعينات انطلق قطار الخصخصة، باتفاق بين مبارك وبين صندوق النقد الدولى في 1991، مما أتاح للقطاع الخاص ان يكون له دور اكبر في النشاط الاقتصادى. ومع سيطرة القطاع الخاص على القسم الأكبر من الاقتصاد المصرى، بدأت تظهر ظاهرة الشركات العملاقة التي تملكها عائلات وتنشط في العديد من القطاعات الاقتصادية مثل: مجموعة منصور، وغبور، وساويرس.. بالإضافة لرجال الاعمال الكبار مثل أحمد عز، وأبو العنيين وغيرهم. رافق هذا الدور المتنامى لرجال الاعمال في النشاط الاقتصادى، تنامى مواز في شبكات فساد واسعة داخل السلطة، مما أعطى لرجال الاعمال هؤلاء مساحة واسعة من النفوذ السياسى وقدرة متزايدة على التأثير على القرارات الاقتصادية! وكان أحد أشهر رجال الاعمال الذين توسعت أعمالهم في تلك الفترة نجيب ساويرس وعائلته، فحامت حول الكثير من أعمالهم شبهات الفساد، مثل صفقة شبكات المحمول (موبينيل)، وصفقة بيع شركة (المصرية للاسمنت)، وتخصيص أراضى واسعة من الاراضى بمدينة 6 أكتوبر لشركة (أوراسكوم) المملوكة لعائلة ساويرس، مع تسهيلات في سداد سعرها على عشر سنوات بعد دفع 10% من المقدم !!

ولم تستطع الاجهزة الرقابية أن تفعل شيئا أمام تغول الفساد داخل أجهزة الدولة، فأكبر هذه الاجهزة (هيئة الرقابة الادارية) كان يتولاها اللواء محمد فريد التهامى فى آخر سبع سنوات من حكم الرئيس حسنى مبارك، وكانت فى عهده (الهيئة) هى أداة حسنى مبارك فى تأديب معارضيه أو مكافأة مؤيديه! من خلال فتح أو غلق ملفات التحقيق فى الانشطة التجارية والمالية لهؤلاء أو اولائك! حيث قام فريد التهامى من خلال (الرقابة الإدارية) بالتغطية علي جميع فضائح الفساد الخاصة بعلاء وجمال مبارك وجميع شلة الفساد المرتبطة بهما... فقد كان بحكم وظيفته يعرف جميع تفاصيل الفساد المالي والإداري داخل جميع مفاصل الدولة بما فيها القضاء والداخلية وحتى داخل الجيش.

الرئيس مرسى.. وحرب الفساد

أَولَى الرئيس محمد مرسى اثناء ولايته مواجهة الفساد أهمية كبيرة، اذ كان يرى ان (حجم الفساد لم يكن متصورا، بل انه فاق أي عقل، وانه تجذَّر في المجتمع المصرى) . ومع ان الرئيس مرسى رفض ان يستخدم اى إجراءات استثنائية، الا انه كان حريصا على إنفاذ القانون على الجميع (2)

دستور ضد الفساد

وكانت أولى الخطوات التى اتخذتها الثورة فى سبيل إستعادة دولة القانون، إقرار دستور يعبر فيه الشعب عن آماله وتطلعاته.. فتم فى دستور الثورة 2012، إقرار مادة لمكافحة الفساد، لم تكن موجود ما يماثلها فى دستور 71، وهى المادة (204) والتى فيها (تختص المفوضية الوطنية لمكافحة الفساد بالعمل على محاربة الفساد، ومعالجة تضارب المصالح، ونشر قيم النزاهة والشفافية وتحديد معاييرها، ووضع الإستراتيجية الوطنية الخاصة بذلك كله، وضمان تنفيذها بالتنسيق مع الهيئات المستقلة الأخرى، والإشراف على الأجهزة المعنية التي يحددها القانون).

وكانت تلك المادة تصحيحاً لوضع خاطئ، حيث أن مصر كانت ملزمة بإنشاء (الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد) بما يتفق مع المادة السادسة من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التى وقعتها مصر فى 2003، ودخلت حيز التنفيذ في عام 2005، وتنص على مجموعة من البنود منها تأسيس جهة مستقلة لمحاربة الفساد، كما يقول المستشار إسكندر غطاس، رئيس مجلس أمناء معهد الأمم المتحدة لمنع الجريمة. (3)

وقد اعتبر المستشار عادل عبد الحميد، أن إنشاء مفوضية مكافحة الفساد بمقتضى المادة (204) من دستور 2012، مثلت خطوة جادة لمكافحة ومنع الفساد (4)

حماية الاجهزة الرقابية

ومثلت الخطوة الثانية التى اتخذها الرئيس محمد مرسى، تنقية الاجهزة الرقابية ممن كانوا يمثلون عقبة أمام القيام بمهامها، وبدأ بأكبر جهازين وهما (هيئة الرقابة الادارية) و (الجهاز المركزى للمحاسبات):

تغيير رئيس هيئة الرقابة الادارية

فور تولى الرئيس محمد مرسى مسئولية الحكم فى مصر، قام بتغيير رئيس هيئة الرقابة الادارية اللواء محمد فريد التهامى فى 3/9/2012، وهو ضابط استخبارات حربية سابق، وعيَّن بدلاً منه اللواء (محمد وهبى هيبة)، وذلك على إثر اتهامات وُجهت له بالفساد، وكانت إقالة فريد التهامي بعد ثلاثة أسابيع فقط من إقالة الرئيس مرسى لوزير الدفاع (حسين طنطاوى) ورئيس الاركان (سامى عنان) في ١٢ أغسطس ٢٠١٢، ضمن حملة كبيرة تضمنت كذلك إقالة مراد موافي (ظل عمر سليمان) وإحلال رأفت شحاتة محله في المخابرات العامة.. وتُعد هيئة الرقابة الادارية هى الهيئة الارفع فى مصر، ونظرا لطبيعتها شبه العسكرية فلها صلاحية مراقبة الفساد داخل الجيش نفسه، وهذا غير متاح للجهاز المركزي للمحاسبات أو مباحث الأموال العامة. وترفع هيئة الرقابة تقاريرها مباشرة الى رئيس الجمهورية

بإخراج اللواء تهامي من الرقابة الإدارية أصبحت جميع ملفات الفساد (برغم أنه حرق وفرم الكثير منها) على مدار ٣٠ سنة مفتوحة، وأصبح لا يوجد شخص في مصر يأمن على نفسه من الحساب والفضيحة على ما ارتكبه من فساد في الماضي.. حتى كبار قادة الجيش. وبإخراج التهامي من الرقابة الإدارية أصيب الجميع بالذعر الجميع: من قضاة كبار... لضباط كبار... لإعلاميين كبار... لرجال أعمال كبار... بدون التهامي أدرك جميع أعضاء منظومة فساد مبارك أنهم أصبحوا مكشوفين وأن المسألة مجرد وقت حتى يفتضح أمرهم ويقضوا ما بقي من أعمارهم في السجون.. بعضهم خاف وعرض المصالحة (حسين سالم، وساويرس) وبعضهم قام برد ثمن ما حصل عليه من "هدايا" (نافع، الفقي، إلخ)... والجميع يذكر موسم المصالحات في تلك الفترة. (5)

وزاد من فاعلية قرارات مكافحة الفساد التى اتخذها الرئيس محمد مرسى، قرار إقالة  النائب العام عبد المجيد محمود وتعيين نائب عام جديد هو طلعت إبراهيم (ليس إخوان طبعا ولكنه من خارج منظومة الفساد)

تغيير رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات

كما أقال الرئيس المصري محمد مرسي جودت الملط رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، وعيَّن بدلا منه المستشار هشام جنينة وهو أحد رموز تيار استقلال القضاء، بدرجة وزير بقرار جمهوري (6/9/2012)  رقم 172 لسنة 2012. وبدأت روح جديدة تسرى فى الاجهزة الرقابية بعد تلك التغييرات..

وبعد توليه المسئولية بقليل صرح هشام جنينة بأن "الرئيس "مرسي" أصدر إليه تعليمات بأن يبدأ الجهاز في الرقابة على مصروفات كل الأجهزة العليا للدولة، وعلى رأسها مؤسسة الرئاسة، والقوات المسلحة، وجهاز المخابرات، ووزارة الداخلية". وبكل سهولة، اكتشف "جنينة" عددا ضخما من وقائع الفساد في أجهزة ومؤسسات الدولة، وقدم بلاغا إلى النائب العام، عن تجاوزات مالية وإدارية في أوجه إنفاق هيئات كبري مثل هيئة قناة السويس، وأن هناك عدد من المسئولين في الهيئات الحكومية تصل رواتبهم إلى ملايين الجنيهات. (6)

فبعد مرور حوالي ستة أشهر على توليه منصبه قال المستشار جنينة: إن القوات المسلحة المصرية وافقت على إخضاع أنشطتها لرقابة الجهاز، باستثناء تلك المتصلة بالأمن القومي. وأكد أن الجهاز المركزي لم يعد تابعاً لرئيس الجمهورية مع الدستور الجديد، وأن الرئيس مرسي لم يتدخل في عمله. (7)

تمكين القانون وإنفاذه

كانت تلك التغييرات سواء التى تتلعلق بالدستور المصرى بعد الثورة 2012، أو تلك التى أجراها الرئيس محمد مرسى بعد توليه الحكم، إعلانا بأن ثورة يناير قد بدأت تحقق أولى أهدافها فيما يتعلق بمحاربة الفساد..

إخضاع رئاسة الجمهورية للرقابة

ففى مقابلة صحفية مع رئيس هيئة الرقابة الادارية اللواء محمد عمر وهبى هيبة فى مايو 2013 (قبل الانقلاب بشهر) ذكر بأن الرئيس محمد مرسى رفع حصانة رئاسة الجمهورية من المراقبة للمرة الاولى فى تاريخها.. (8)

ديوان المظالم

ثم الخطوة التالية التى إتخذها الرئيس محمد مرسى، هى الاعلان عن تشكيل (ديوان المظالم) لتلقي شكاوى المواطنين، وهى الخطوة التى يقول عنها الدكتور أحمد صقر عاشور ممثل مصر في منظمة الشفافية الدولية السابق، وأستاذ الإدارة بجامعة الإسكندرية (ديوان المظالم فكرة رائعة وموجودة في الدول الاسكندنافية ويسمى "الامبودسمان" وبعض الدول طبقت الفكرة منها الأردن والمغرب، ويختص باستقبال الشكاوى وتوصليها للجهات المختصة والحصول على رد منها) (9)

وقد حقق ذلك الديوان انجازاً كبيرا فى متابعة حل مشاكل المواطنين مع الوزارات المختلفة الى درجة أدهشت المنظمات الدولية، يقول رئيس الديوان مصطفى الشربتلى: (حضرت مؤتمر رؤساء ديوان المظالم لدول حوض البحر المتوسط، انبهرت الدول بتصورنا للإنجاز وما حققناه في زمن قصير للغاية، ولم يقاربنا في الكفاءة ولو من الناحية النظرية إلا دولة إسبانيا، وكنّا منفردين بأننا نتابع الحلول مع الوزراء مباشرة ورؤساء الهيئات، وكانت استراتيجية توسيع آليات الشكوى ومتابعة الحل جديدة للجميع بدون استثناء) (10)

وكان الرئيس محمد مرسى يتابع آداء ذلك الديوان والتقارير التى تأتى منه بشكل يومى، وكان يخطط الى تحويل ذلك الديوان الى مؤسسة كبيرة تبحث حلول لمشاكل المواطنين بالتعاون مع اجهزة الدولة المختلفة (11)

اقتحام أوكار الفساد..آل ساويرس نموذجا

بقيام ثورة يناير 2011 انهارت شبكة العلاقات التي كونها رجال أعمال مبارك منذ التسعينات، والتي تعززت بشكل كبير بتشكيل حكومة نظيف (2004 – 2011)

وبرغم حرص الرئيس محمد مرسى على توفير بيئة مشجعة للاستثمار، الا أنه فى ذات الوقت كان حريصا على فتح ملفات الفساد، وكان من أكبر قضايا الفساد التي واجهها الرئيس محمد مرسى من خلال حكومته، قضية فساد امبراطورية (آل ساويرس)

والحكاية باختصار أن آل ساويرس أدرجوا شركة (المصرية للاسمنت) في (أوراسكوم للإنشاء والصناعة) في البورصة في 3/2002, ثم قرروا شطبها من البورصة لتفادي قواعد الإفصاح والحوكمة! وليس هناك ما يمنعهم قانونا من ذلك! وعندما بدأوا التفاوض لبيع الشركة، أعادوا تسجيلها في البورصة في 24/10/2007, لاستغلال القانون الذي يعفي عمليات الاستحواذ أو البيع عبر البورصة من الضرائب! وتم البيع فعليا مقابل 68.6 مليار جنيه لشركة لافارج الفرنسية في 9/12/2007 أى بعد شهر ونصف من إعادة التسجيل، وبالتالي تم إعفاء عملية البيع من الضرائب. وبعد ذلك قامت الشركة المشترية بإخراج الشركة من البورصة !

وهذا نوع من التحايل لعدم دفع الضرائب ، استغلالاً لقانون فاسد ومتحيز لرجال الاعمال . وهو من حزمة كبيرة من القوانين التي المليئة الثغرات ، والتي تفتح الباب واسعا للتهرب الضريبى . (12)

رفض الرئيس محمد مرسى اتخاذ اية إجراءات استثنائية في التعامل مع ملف فساد آل ساويرس، مفضلا تفعيل القانون فى مواجهة الجميع دون استثناء.

أرسلت وزارة المالية تقريرها بخصوص تهرب رجلى الأعمال أنسى نجيب ساويرس وناصف ساويرس، الى مكتب النائب العام المستشار طلعت عبد الله ، والذى امر بتشكيل لجنة فحص فنية للنظر في التقرير المقدم من وزارة المالية ، لاتخاذ الإجراءات القانونية واستكمال التحقيقات.

وقامت تلك اللجنة بحصر المبالغ المستحقة لعائلة "آل ساويرس" ليتم سداد الضرائب المستحقة عليهما، والتى تقدر بمبلغ 14 مليار جنيه، عن أرباح صفقة بيع شركة "أوراسكوم بيلدنج" إلى شركة "لا فارج" الفرنسية والتى حققت أرباحا لهما 68 مليار جنيه، نتيجة هذه الصفقة.

وقد قام النائب العام المستشار طلعت إبراهيم عبد الله، بمخاطبة الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية، والجوازات والموانئ، لوضع رجلى الأعمال أنسى نجيب ساويرس رئيس مجلس إدارة شركة "أوراسكوم للإنشاءات والصناعة"، وناصف أنسى نجيب ساويرس المدير التنفيذى للشركة على قوائم الترقب والوصول، بعد تردد أنباء مؤكدة عن سفرهم خارج البلاد قبل صدور قرار منعهم من السفر، لاتهامهم بالتهرب من دفع 14 مليار جنيه ضرائب مستحقة عليهما. (13)

وبعد طول تمنع، رضخت عائلة ساويرس وقبلت بالمفاوضة على رد حقوق الدولة. فتم التوصل الى اتفاق نهائي يشمل:

  1.  سداد "آل ساويرس" 7 مليارات و200 مليون جنيه للضرائب في مقابل أن تسحب مصلحة الضرائب قضية التهرب الضريبي التي حررتها ضده
  2.  يقدم ساويرس إقرارا ضريبيا جديدا يتضمن إضافة 7 مليارات و200 مليون جنيه بزيادة على الإقرارالذي قدمه "آل ساويرس" عام 2007 وهي السنة التي شهدت بيع شركة أوراسكوم.
  3.  كما تم الاتفاق على تسديد 2 مليار و500 مليون جنيه كاش ويقدم شيكات بباقي المبلغ تسدد علي دفعات علي مدي سنتين .. أول قسط منها سيتم سداده في 31 يونيو 2014 وقيمته 300 مليون جنيه.
  4.  يتم التسديد بالدولار حيث اشترطت الضرائب أن الدولارات التي سيدفعها ستكون من خارج مصر حتي لا يؤدي سحبها من السوق المصري إلي زيادة الطلب على الدولار مما يسبب ارتفاع سعر الدولار في السوق المصري. (14)

وبناء علي هذا الاتفاق، قرر النائب العام رفع اسميهما من قوائم الممنوعين من السفر". (15)

وهكذا تمت تسوية النزاع الضريبى بين شركة أوراسكوم للإنشاء التابعة لساويرس وبين مصلحة الضرائب العامة .

لكنها امتنعت عن سداد باقي الأقساط منذ قيام الانقلاب على الرئيس محمد مرسي في يوليو 2013.

الانقلاب جاء لتمكين الفساد

لكن الامر لم يدم على ذلك الحال طويلا، فسرعان ما انتفضت الدولة العميقة التى استشعرت الخطر على مكتسباتها منذ انقلاب 1952، فكان الانقلاب العسكرى فى 2013 والذى تورطت فيه بعض الفصائل المدنية..

بعد الانقلاب تلقي "السيسي" 40 مليار دولار من الإمارات والسعودية، ووضع 10 مليارات فقط في خزينة الدولة، ولم يعلم أحد حتى الآن مصير باقي المبلغ، حيث رفض الجيش أي رقابة عليها. وكشف تقرير لصحيفة "الجارديان" البريطانية، يوم 30 أكتوبر 2015، النقاب عن أن الفساد "ينخر في كيان المؤسسة العسكرية المصرية"، وأن ازدياد الإنفاق العسكري "المبهم" ليس بعيدا عن الفساد " فكيف حدث هذا؟ (16)

التلاعب بالدستور

كانت الخطوة الاولى التى اتخذها الانقلاب فيما يتعلق بموضوع الفساد، هو نزع الحماية عن أجهزة مكافحة الفساد من الدستور! وذلك بإلغاء المادة (204) الخاصة بمكافحة الفساد الواردة فى دستور 2012، ولم تُستبدل بأى مادة أخرى فى دستور الانقلاب (2014)! ولم يكن هناك أى تفسير لذلك!

وقد أشار دكتور أحمد صقر عاشور ممثل منظمة الشفافية الدولية سابقا إلى الدور الذي لعبته الهيئات الرقابية في منع قيام هيئة مستقلة لمكافحة الفساد! وفى مناقشات دستور 2013 (دستور الانقلاب) بحضور ممثلين للجهات الرقابية تكاتفوا لمنع وجود مفوضية لمكافحة الفساد! (17)

تجاهل دستور الانقلاب

وبرغم أن رجال القانون قد حذروا من إلغاء تلك المادة من مشروع دستور (الانقلاب)، الا أن جهودهم قد ذهبت أدراج الرياح!

قال المستشار إسكندر غطاس، رئيس مجلس أمناء معهد الأمم المتحدة لمنع الجريمة، أن هناك نصا واضحا بالمادة السادسة من اتفاقية مكافحة الفساد، فمصر ملتزمة بإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والتى تضمنها الدستور المعطل فى المادة 204 منه فى حين أن مشروع لجنة العشرة حذف الإشارة لهذه الهيئة ولم يوفر الحصانات المطلوبة لتحقيق مكافحة الفساد، ومن جانبه أكد الدكتور شوقى السيد الفقيه الدستورى، أن إسقاط لجنة العشرة الخاصة بتعديل الدستور لتناول مشروع إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد رغم الحاجة إلى وضع نص لذلك فى الدستور يعنى وجود مشكلة ما يجب حلها والإسراع فى التراجع عن هذا الموقف (18)

بل أشار المستشار عادل عبد الحميد وزير العدل فى حكومة الانقلاب، بكلمته أنَّ المؤتمر استمع إلى رجال القانون والدستور والقضاء بهيئاته المختلفة والإعلام والمجتمع المدني وخلصوا جميعا الى ضرورة إلى أهمية وجود نص دستوري لانشاء مفوضية لمكافحة الفساد.. ولفت عبد الحميد إلى أن المشرع الدستوري خطا خطوات جادة لمكافحة ومنع الفساد سواء بالنص على إنشاء مفوضية مكافحة الفساد في دستور 2012 (19)

وبرغم هذه التأكيدات التى استندت على آراء القانونيين فى ضرورة إنشاء المفوضية كما كانت موجودة فى دستور 2012، الا أن (إجماعا) آخر نقض ذلك الاجماع الاول! وكان هذا نص ما نقلته لنا وسائل الاعلام (صوتت اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الفساد برئاسة وزير العدل بالإجماع على رفض مقترح إنشاء المفوضية الوطنية لمكافحة الفساد بالدستور.. وأرسلت اللجنة توصيتها هذه بالرفض إلى لجنة الخمسين لتعديل الدستور، وأوضحت فيها أسباب الرفض لوجود أجهزة رقابية حاليا تختص بالمهام ذاتها ومنعا للازدواجية) (20)

السيطرة على الأجهزة الرقابية

وتبع ذلك، اتجاه سلطة الانقلاب الى فرض سيطرتها على الاجهزة الرقابية، وتمهيدًا لذلك، أصدر السيسي (رئيس الانقلاب) قرارًا جمهوريًا فى يوليو 2015، مُكوّنًا من مادة واحدة مما يجعله واحدًا من أقصر القوانين المصرية! بالقانون رقم 89 لعام 2015، مستغلًا غياب السلطة التشريعية،، تمنح بموجبه رئيس الجمهورية صلاحية عزل رؤساء أو أعضاء الأجهزة الرقابية والهيئات المستقلة (21) لتبدأ بعد ذلك أولى خطوات تعامل الانقلاب مع أحد أهم الاجهزة الرقابية فى مصر..

السيطرة على الجهاز المركزى للمحاسبات:

برغم أن المستشار هشام جنينة والذى عينه الرئيس مرسى فى ذلك المنصب، اعترف بالانقلاب، الا أن السلطة الجديدة لم تغفر له نشاطه الواسع فى مكافحة الفساد، فتم تعقبه كالتالى:

  1. صرح جنينة بأن المبالغ المفقودة بسبب الفساد بلغت نحو 600 مليار جنيه مصري ما بين 2012 و2015
  2. تم تشكيل لجنة للتحقيق في هذه التصريحات، وقالت اللجنة إن جنينة "يبالغ، وأن حجم الفساد ستة مليارات وليس 600"
  3. عندما حاول جنينة تقديم الدليل على ما قاله، قامت سلطة الانقلاب بحظر نشر الأدلة، ثم فوجئ الجميع بإحالته إلى نيابة أمن الدولة العليا!
  4. عُزل هشام جنينة خلال ساعات بقرار جمهوري أصدره السيسي بدعوى "إضراره بسمعة البلاد وتأثيره على الاستثمار والاقتصاد"، وُمنع من السفر خارج البلاد.
  5.  فى28  مارس 2016 أصدرت النيابة العامة المصرية قرارا يقضي بالقبض عليه، وذكرت نيابة أمن الدولة العليا أن التحريات "أشارت إلى قيام هشام جنينة بجمع المستندات والتقارير والمعلومات والاحتفاظ بصورها وبعض من أصولها مستغلا صلاحيات منصبه".
  6. تحركت مافيا الفساد وآلتها الإعلامية الضخمة من أجل التعجيل بذبح هشام جنينة، حيث صرح مصطفي بكري بأن: "هشام جنينة أخَّل بمهام عمله وسنطالب بإعفائه من منصبه"، وقال ممتاز القط: "هشام جنينة مضلل، وتقريره عن الفساد مشبوه"، وقال سليمان وهدان وكيل مجلس الشعب في مداخلة على فضائية المحور: "إن النواب في حالة غضب شديد لتصريحات جنينة، ومش هنطبطب على حد"، وقالت جريدة اليوم السابع (إن جنينة قد تورط في مؤامرة ضد أمن البلاد والسلم الاجتماعي، وتشويه مؤسسات الدولة) وكتب دندراوي الهواري في المصري اليوم تحت عنوان "هشام جنينة.. سقوط آخر ورقة توت في شجرة الإخوان": "هشام جنينة هدفه الرئيسي منذ وصول السيسي للحكم، ليس كشف الفساد بقدر إحراج نظام رئيس الجمهورية، أي أنه سخر الجهاز الرقابي الأشهر في مصر، الجهاز المركزي للمحاسبات، ليكون معول هدم لنظام السيسي، وتشويه صورة مصر"، وختم مقاله: "ذهب هشام جنينة غير مأسوف عليه، لأنه فضل مصلحة جماعة الإخوان فوق مصلحة الوطن، كعادة كل أعضاء وقيادات والمتعاطفين مع الجماعة، وبدلاً من أن يسطر اسمه بأحرف من نور في كتب التاريخ، شوه صورة مصر". (22)
  7. في 13 فبراير 2018، اعتقل نظام السيسي هشام جنينة على إثر تصريحات قال فيها إن رئيس الأركان السابق الفريق سامي عنان يملك وثائق وأدلة تدين قيادات في مصر بشأن الأحداث الرئيسية منذ ثورة 25 يناير
  8. الاعتداء على هشام جنينة وعائلته في أثناء توجهه إلى قاعة المحكمة بالقاهرة الجديدة للطعن على قرار إقالته في 27 يناير2018، ففي ذلك اليوم، هاجم ثلاثة من البلطجية المستشار هشام جنينه، بالأسلحة البيضاء، فأصيب بجرح غائر  في وجهه، وكسر في قدمه، وتمّ اقتياده إلى قسم الشرطة ليجد نفسه متهمًا بالاعتداء على "المواطنين الشرفاء"، الاسم المعتمد للبلطجية الذين يستخدمهم النظام في البطش بالمعارضين، فتنشر صحف النظام خبرًا موّحدًا يقول "بلاغ يتهم هشام جنينة وزوجته وابنته بالتعدّي على مواطنين في القاهرة الجديدة" (23)
  9. في 24 أبريل 2018 حكمت المحكمة العسكرية بمصر على جنينة بالسجن 5 سنوات في الاتهامات الموجهة له بنشر أخبار كاذبة، وتشويه صورة المؤسسة العسكرية وتكدير الأمن العام (24)
  10. فصل ابنة المستشار جنينة (شروق جنينة) من هيئة الرقابة الادارية بقرار من رئيس الجمهورية، نكاية فى والدها فى 29/5/2016! (25)

وبعد أن سيطر نظام الانقلاب على الجهاز المركزى للمحاسبات باستبعاد هشام جنينة، وجعله عبرة لمن يأتى بعده، سواء فى هذا الجهاز أو غيره من الاجهزة الرقابية. تم الالتفات الى باقى الاجهزة..

تغيير رئيس المخابرات العامة، بآخر فاسد

وفى أغرب وأسرع قرار تم اتخاذه، قامت سلطة الانقلاب بتعيين (اللواء محمد فريد التهامي) برئاسة المخابرات العامة، خلفاً للواء محمد رأفت شحاتة في 5 يوليو 2013، اى بعد اعلان الانقلاب بيومين فقط! وبذلك حقق فريد التهامي ما لم يحدث من قبل في تاريخ أي دولة في العالم، حيث أنه جمع بين الأجهزة الثلاثة الأقوى: المخابرات الحربية، الرقابة الإدارية، والمخابرات العامة!

وكان اللواء محمد فريد التهامى قد أقاله الرئيس محمد مرسى من رئاسة الجهاز المكزى للمحاسبات أبان توليه الحكم فى يونيو 2012، وذلك بسبب قضايا فساد تورط فيها..

إعادة تدوير الفساد

لتتابع بعد ذلك قرارات سلطة الانقلاب، والتى أعادت فى النهاية تدوير شلة الفساد مرة أخرى، ومكنتهم من مفاصل جهاز الحكم!

فى 9 ديسمبر 2014 شكلت سلطة الانقلاب هيئة (الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد) ومهمتها الاساسية مكافحة الفساد، ويكون أحد مسئوليها ابن رئيس الانقلاب (مصطفى السيسى)!

بعد أقل من عامين (يونيو 2016) تعلن مجلة فورين أفيرز الأميركية عن اكتشافها فضيحة فساد، تورطت فيها جهات سيادية بالدولة ومنها أطراف مكونة لـ (هيئة مكافحة الفساد) السابق تشكيلها فى 2014، بإخفاء 9.6 مليار دولار بعيدا عن الاجهزة الرقابية، وتم إنفاقها فى العام المالى 2012-2013! (26)

التراجع عن محاسبة ساويرس

وعندما حلَّ موعد سداد القسط الثانى من مديونية ساويرس للدولة على إثر المصالحة الضريبية التى تمت مع ساويرس فى 2013 فترة حكم الرئيس محمد مرسى. امتنعت عائلة ساويرس عن دفع الدفعة الثانية! وبرغم اعلان مصلحة الضرائب بأنها ستطالب ساويرس بما لديها، الا أن العائلة أعلنت أنها لم تتلقى أية مطالبات من مصلحة الضرائب، وزادت على ذلك بأن قالت بانها ليس لديها أي مستحقات للدولة المصرية!

في مفاجأته التي فجرها قال المسشار وليد شرابي في لقائه بالإعلامي احمد منصور علي قناة الجزيرة أن كل قاضي تقدم للتحقيق بقضية التهرب الضريبي لعائلة ساويرس تعرض للإقصاء فهو إما محاكم أو يحقق معه ! (27)

الصندوق السيادى.. سلطة فوق القانون

وبعد أن تم غلَّ يد الاجهزة الرقابية بالدولة، تم التصالح مع الفاسدين، ليس هذا فحسب بل بدأ النهب المنظم لممتلكات الدولة المصرية! وكله بالقانون!

ففى سنة 2018 تم تدشين ما يُعرف بالصندوق السيادى .. وجاء فى ديباجة الغرض من إنشاء الصندوق السيادى أن الصندوق يهدف إلى إدارة أصول الدولة غير المستغلة، وتعظيم الفائدة منها، وذلك للمساهمة فى دفع التنمية الإقتصادية ... وقد إشتمل قانون تأسيس الصندوق على حق رئيس الجمهورية فى نقل ملكية أصول الدولة للصندوق.

وفى سنة 2019 تم إقرار تعديل على قانون إنشاء الصندوق، تم بموجبه تحصين أى عقود يبرمها الصندوق مع طرف ثانى "داخلى أو خارجى"، ويقصر حق الطعن على تلك العقود على طرفى العقد .. كما أنه حصن قرارات نقل ملكية الأصول المصرية للصندوق ضد الطعن.

قرارات تحصين الصندوق السيادى .. جعلت من الصندوق مؤسسة فوق كل القوانين وكل مؤسسات الدولة التشريعية والرقابية !! ... ورغم كون الأصول التى يتم نقل ملكيتها للصندوق هى فى الأصل أصول مملوكة ملكية عامة .. ويشترك جميع المواطنين فى ملكيتها .. فمبجرد نقل ملكيتها للصندوق تتحول لملكية خاصة للصندوق .. وليس من حق أى من المواطنين الطعن على قرار البيع أو الرهن لتلك الأصول .. أو حتى إبداء الرأى فى جنسية المشترى أو سعر البيع!!.

الدولة تعلن عن الهدف الحقيقى من إنشاء الصندوق السيادى ورغم أن الهدف من إنشاء الصندوق "حسب ما جاء على فى قانون إنشاء الصندوق" كان هو إدارة وإستغلال أصول الدولة .. لتعظيم الفائدة منها لدفع التنمية الإقتصادية للبلاد !! ... فقد صرح اليوم الرئيس التنفيذى للصندوق "أيمن سليمان" بأنه جارى إنشاء صندوق تابع للصندوق السيادى، تكون مهمته هى إدارة الطروحات المعروضة للبيع، والذى سيتولى إدارة عمليات تخارج الدولة من بعض الأصول التى آلت ملكيتها للصندوق ... والنهاردة تم الإعلان عن طروح بعض الأصول المصرية بقيمة تصل إلى: 4 مليار دولار وقد تتجاوزها لتصل إلى: 5 أو 6 مليار دولار .. وأنه يجرى الإعداد لتقييم وطرح تلك الأصول للبيع، والتى وصفها بكونها "المنتج الإستثمارى الفريد" !!.

.. الملاحظة: أن الرئيس التنفيذى للصندوق لم يفصح خلال تلك التصريحات .. لا بطبيعة وأسماء الشركات أو الأصول التى سيتم طرحها ؟ .. ولا بأسماء هؤلاء المستثمرين أو صناديق الإستثمار العربية أو الأجنبية التى جرى الإتصال والتفاوض معهم ؟ .. أو عن آلية تقييم تلك الأصول والمشروعات ؟ .. أو تفاصيل عملية البيع .. هل سيكون على شكل طرح أسهم تلك الأصول والمشروعات فى البورصة ؟ .. أم البيع المباشر لمستثمر رئيسى ؟ .. وهل سيشمل البيع جزء على المشاع من الملكية .. أم بيع كامل لملكية تلك الأصول ؟ (28)

النتائج

  • أثبتت الدراسة بما لا يدع مجالا للشك أن الرئيس مرسي أعلن من أول يوم لتوليه السلطة مكافحة الفساد واتخذ إجراءات عملية متنوعة لهذا الغرض.
  • الدولة العميقة لعبت دورا خطيرا في الإبقاء على منظومة الفساد إلى أن جاء الانقلاب العسكري فأطاح بالرئيس المنتخب
  • الانقلابيون أعادوا ممارسات الانقلاب بأسوأ مما كانت عليه أيام حكم مبارك وسابقيه، وتصالحوا مع الفاسدين وغيروا الدستور للتمكين للفسدة بشكل صريح.

خاتمة

برغم أنه لدينا فى مصر 27 جهاز رقابي، الا أن عدم وجود هيئة مستقلة لمكافحة الفساد يجهض جهود تلك الاجهزة ويجعلها مجرد حبرا على ورق. وتظل العقبة الاولى وجود طرف فى الدولة أعلى من الدولة نفسها، وهو تدخل الجيش فى الحياة السياسية، وعدم خضوعه لأية مراقبة، بل وإمساكه بكل الخيوط فى يده!

فعودة الجيش الى ثكناته، وقيام حكم ديمقراطى، تكون فيه السيادة للشعب، هى الضمانة الوحيدة لمحاربة تغول الفساد فى دولاب الدولة المصرية.

المصادر

1) جهود مكافحة الفساد فى مصر حبر على ورق

https://bit.ly/3R6rjXo

2) الرئيس محمد مرسي يتحدث إلي عبدالناصر سلامة

https://bit.ly/3mqW50Q

3) قانونيون: "لجنة العشرة" تجاهلت إنشاء مفوضية وطنية لمكافحة الفساد

https://bit.ly/3Atfwfg

4) العدل تطالب بنص دستوري بإنشاء مفوضية وطنية لمكافحة الفساد

https://bit.ly/3KhKV8V

5) عودة الحرامية إلى منصة الحكم!

https://bit.ly/3D9A539

6) كيف يمكن اصلاح ما أفسده العسكر

https://bit.ly/3RUmNLT

7) هشام جنينة: الجيش المصري وافق على رقابة "المحاسبات"

https://bit.ly/3BxN6SN

8) حُكّام مصر «الجدد» الحقيقيون

https://bit.ly/3QlzP44

9) جهود مكافحة الفساد في مصر حبر على ورق

https://bit.ly/3R6rjXo

10) رئيس ديوان المظالم بعهد الرئيس محمد مرسي: الدولة العميقة أعاقتنا بكل السبل

https://bit.ly/3xfliQC

11) مرسي: أتابع بنفسي شكاوى المواطنين بديوان المظالم يوميًا

https://bit.ly/3ewCqL8

12) قانون الضرائب وقضية ساويرس - احمد السيد النجار – الاهرام

https://bit.ly/3nGLpKG

13) لجنة فحص التهرب الضريبي: 14 مليار جنيه مبالغ مستحقة على «آل ساويرس» - الشروق – 7/3/2013

https://bit.ly/31dIm5e

14) تفاصيل تصالح "آل ساويرس" مع الضرائب

https://bit.ly/3Er0Ehv

15) النائب العام المصري يرفع اسم آل ساويرس من قوائم المنع من السفر

https://bit.ly/3Csqf9g

16) كيف يمكن اصلاح ما أفسده العسكر

https://bit.ly/3RUmNLT

17) جهود مكافحة الفساد في مصر حبر على ورق

https://bit.ly/3R6rjXo

18) قانونيون: "لجنة العشرة" تجاهلت إنشاء مفوضية وطنية لمكافحة الفساد

https://bit.ly/3Atfwfg

19) https://bit.ly/3KhKV8V

20) https://bit.ly/3POULAd

21) "برلمانى" يعيد نشر القرار بقانون رقم 89 لسنة 2015 بشأن عزل رؤساء الهيئات الرقابية

https://bit.ly/3KXsjeu

22) هشام جنينة ودولة الفساد

https://bit.ly/3qnsDtF

23) من يتذكّر هشام جنينة؟

https://bit.ly/3x92x1k

24) هشام جنينة.. إقالة ثم اعتداء فسجن

https://bit.ly/3QsLyOi

25) شروق هشام جنينة تلقى مصير والدها على يد السيسي

https://bit.ly/3DdW7lh

26) Sisi and His 40 Thieves

https://fam.ag/3QxIFvJ

27) بعد الانقلاب…آل ساويرس: لامستحقات لدينا للدولة

https://bit.ly/3DiCglc

28) قانون يمنع الطعون القضائية.. ما دلالة تحصين صندوق مصر السيادي ضد المساءلة؟

https://bit.ly/3RQWczi