محمد المنشاوى يكتب: دي سانتيس.. فرصة للتخلص من عبء ترامب

السبت - 12 نوفمبر 2022

- محمد المنشاوي
( باحث وكاتب متخصص في الشؤون الأميركية )

شهدت قبضة الرئيس السابق دونالد ترامب على الناخبات والناخبين الجمهوريين كثيرا من التراخي أخيرا، وعكست نتائج الانتخابات النصفية مؤشرات سيئة لتأييد ترامب بين أنصار الحزب الجمهوري وبين المستقلين. ودفع ذلك بكثير منهم إلى سؤال أنفسهم عما إذا كان من الأفضل العثور على مرشح يتبنّى آراء الرئيس السابق دونالد ترامب، ولا يمتلك سلبياته وفظائعه وفضائحه في الوقت ذاته.

وقبل الانتخابات النصفية، قال الرئيس السابق للجنة الوطنية للحزب الجمهوري مايكل ستيل إن "كثيرا من الناس يريدون دفن ترامب وإرثه فى قبر، لكن دونالد ترامب لا يزال فوق الأرض. إنه لا يزال يمشي على الأرض ولديه كثير من النفوذ السياسي مع الناخبين داخل الحزب أكثر مما قد يرغب الناس في الاعتراف به".

يؤمن أصدقاء دي سانتيس بأن من أهم أحلامه الوصول إلى البيت الأبيض وقيادة أميركا، ويرون أن صغر سنه النسبي يمنحه فرصا متعددة للوصول إلى الرئاسة بعكس أغلب نظرائه ومنافسيه الجمهوريين.

ودفع عدم تحقيق الجمهوريين لانتصارات كاسحة في الانتخابات النصفية إلى زيادة الشكوك في حجم وقوة هيمنة الرئيس السابق دونالد ترامب على الحزب وقواعده الانتخابية. كذلك ضاعفت النتائج الشكوك حول قدرة ترامب على جذب ناخبين مستقلين للتصويت إلى جانب الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية المقبلة. ودفع ذلك بالنظر جنوبا إلى ولاية فلوريدا وحاكمها "رون دي سانتيس" على أنه وريث يمثل طموحات الجمهوريين في العودة للبيت الأبيض بعد عامين.

ولا يعرف أحد ما يفكر فيه حاكم ولاية فلوريدا بخصوص مستقبله السياسي، ويبلع دي سانتيس 44 من العمر، وأمام تطلعاته السياسية كثير من الوقت لترجمة أحلامه لواقع سياسي.

يؤمن أصدقاء دي سانتيس بأن من أهم أحلامه الوصول إلى البيت الأبيض وقيادة أميركا، ويرون أن صغر سنه النسبي يمنحه فرصا متعددة للوصول إلى الرئاسة بعكس أغلب نظرائه ومنافسيه الجمهوريين.

ينسب ترامب لنفسه الفضل في فوز دي سانتيس في انتخابات عام 2016، وقد قال إن فوز دي سانتيس عام 2016 كان بسبب دعمه له.

وكان دي سانتيس قد فاز عام 2018 بفارق يقل عن 33 ألف صوت تقريبا، في حين أنه فاز يوم الثلاثاء الماضي بفترة حكم ثانية بأغلبية واسعة تخطت مليونا ونصف المليون صوت.

ولم تشهد حملات الانتخابات النصفية أي مشاركة جمعت ترامب بدي سانتيس، في حين سخر ترامب من حاكم فلوريدا ووصفه بأنه "ديسانكتيمونيوس".

ولا يرغب ترامب في أي منافسة من مرشحين جمهوريين في المرحلة التمهيدية، ويتطلع إلى دعم كامل من الحزب وقواعده التقليدية والمتشددة والمتطرفة في آن واحد.

ووجد استطلاع حديث للرأي أجرته شبكة "إيه بي سي نيوز" (ABC News) و"إبسوس" الشهر الماضي أن دي سانتيس تفوق على ترامب عندما سئل ناخبو الحزب الجمهوري عمن يثقون به لتوجيه الحزب نحو المستقبل.

وفي استطلاع حديث للرأي أجرته الشبكة في أواخر يوليو/تموز، قال ما يقرب من 57% من الجمهوريين المستطلعين إن ترامب يجب ألا يترشح في عام 2024.

قد يختار دي سانتيس الدخول في مواجهة مع ترامب الذي سيعلن نيته الدخول في سباق الانتخابات الرئاسية ممثلا للحزب الجمهوري، أو أن يتريث ويتجنب مواجهة ترامب، وينتظر انتخابات 2028.

لا تزال منافسات الترشح التمهيدي لانتخابات 2024 الرئاسية على بعد أكثر من عام ونصف، ولم يعلن دي سانتيس ترشحه أو سعيه للرئاسة، لكنه لم يستبعد ذلك أيضا خلال لقاءاته الإعلامية.

وكان دي سانتيس قد بزغت نجوميته بعدما عرفت أميركا إغلاقات واسعة بسبب تفشي وانتشار فيروس كورونا مند بدايات 2020، إذ بادر دي سانتيس بتخفيف القيود المفروضة على الشركات والمدارس في تحد للمبادئ والتوجيهات الفدرالية، وأقال كذلك مسؤولين محليين سعوا إلى الحفاظ على الالتزام بفرض ارتداء أقنعة الوجه.

كما سنّ دي سانتيس العديد من مشاريع القوانين المحافظة التي نالت رضا الحزب الجمهوري والأعضاء المستقلين، منها منع المعلمين والمدرسين من مناقشة الهوية الجنسية مع الأطفال الصغار.

من ناحية أخرى، يأمل أنصار دي سانتيس أن تعرقل نتائج الانتخابات النصفية، إضافة إلى تحقيقات حادثة 6 يناير/كانون الثاني واقتحام أنصار ترامب الكونغرس، محاولة ترامب السعي لخوض انتخابات 2024.

وقبل أسابيع فاجأت صحيفة "واشنطن إكزامينر" المحافظة قرّاءها بنشر افتتاحية، عقب انتهاء تحقيقات مجلس النواب حول حادثة 6 يناير/كانون الثاني، جاء فيها أن "ترامب غير مؤهل لأن يكون في أي مكان بالقرب من السلطة مرة أخرى"، واختتمت الافتتاحية بأن "ترامب عار، ولدى الجمهوريين خيارات أفضل بكثير لقيادة الحزب في عام 2024. لا ينبغي لأحد أن يفكر بخلاف ذلك، ناهيك عن دعمه مرة أخرى".

لا يعرف كثير عن مواقف دي سانتيس الخارجية، لكن من المؤكد أنه يتخذ مواقف مشابهة لترامب خاصة في دعمه غير المحدود لإسرائيل ورفضه الاتفاق مع إيران والتشدد مع الصين.

فى أكتوبر/تشرين الأول 2017، تحدث دي سانتيس في مؤتمر لجماعة أميركية يمينية متطرفة، وقال إن المسلمين المتدينين لا يمكن أن يكونوا أميركيين مخلصين. ومنذ انتخابه نائبا جمهوريا في مجلس النواب عام 2012، ترأس اللجنة الفرعية للأمن القومي وقدم دي سانتيس مشروع قرار لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، ورأى دي سانتيس أن "جماعة الإخوان المسلمين تشكل تهديدا عالميا كبيرا ويجب أن تصنفها إدارة دونالد ترامب رسميا جماعة إرهابية".

كما قدم دي سانتيس قانون "المساءلة الفلسطينية" عام 2013، وطالب من خلاله بوقف المساعدات الأميركية للسلطة الفلسطينية حتى تعترف رسميا بحق إسرائيل في الوجود باعتبارها دولة يهودية، وأن تقطع جميع العلاقات مع حركة حماس.

وبعد انتخابه حاكما لولاية فلوريدا عام 2018، تعهد دي سانتيس بأن يكون "الحاكم الأكثر تأييدا لإسرائيل في تاريخ أميركا".

ويجادل بعض أعضاء الحزب الديمقراطي بأن دي سانتيس سيكون منافسا أفضل لأنه، بعكس ترامب، لن يهدد أسس الديمقراطية الدستورية في أميركا، إلا أنهم يدركون كذلك أنهم لا يملكون أي مرشح مؤهل لهزيمة دي سانتيس في الانتخابات الرئاسية 2024.

المصدر: الجزيرة نت