مصر: الانتهاكات الحقوقية تتصاعد منذ بدايات 2023

الخميس - 9 فبراير 2023

  • منظمة حقوقية: نزلاء "بدر" من كبار السن وقادة الإخوان يعانون أوضاعا مميتة
  • تصاعد الانتهاكات بسجون وادي النطرون وجمصة والمنيا والوادي الجديد وأسيوط وقنا
  • كثير من المعتلقين دخلوا إضرابا مفتوحا عن الطعام.. وعدد الوفيات في تصاعد
  • انتهاكات بالجملة في حق المعتقلات.. وإحصائيات: 142 معتقلة على الأقل في السجون
  • النظام يحتجز 23 طفلا على ذمة قضايا سياسية.. و قرارات إخلاء السبيل لم تتجاوز 1.4%  
  • ارتقاء 40  معتقلا  داخل السجون نتيجة الإهمال الإهمال الطبي في عام 2022
  • استمرار منع الزيارة عن أكثر من 4 آلاف معتقل.. وبقاؤها للبعض عبر حاجز زجاجي
  • الانتهاكات تفضح الوعود الزائفة بتحسين أوضاع المعتقلين.. وتفوق ما كان بـ"العقرب"  

 

إنسان للإعلام- خاص:

رغم الوعود البراقة من قبل نظام السيسي بأن العام الجديد سيشهد حلحلة كبيرة في الملف الحقوقي، جاء الواقع ليكذب ذلك، حيث توالت التقارير الحقوقية منذ مطلع 2023، لتؤكد أستمرار النظام في انتهاكاته بحق المعارضين، وأن الوضع في السجون يزداد سوءًا، مع استمرار سياسات القتل بالاهمال الطبي.

من خلال السطور التالية نرصد تصاعد الانتهاكات الحقوقية في السجون، منذ مطلع العام الجاري، و تدهور الاحوال داخلها ، بمختلف محافظات الجمهورية، خاصة تجاه المعارضين السياسيين .

"بدر" أسوأ من "العقرب"

صُدم أهالي معتقلين في مصر جرى نقلهم من سجون "طرة" و"العقرب" سيئة الصيت، إلى مجمع السجون المركزية الجديد "بدر"، من استمرار سوء المعاملة، والحرمان، بخلاف ما كان منتظرا.

أهالي معتقلين تحدثوا لـموقع "عربي21"، وقالوا: إن مجمع سجون بدر المبني حديثا قرب العاصمة الإدارية الجديدة، كان المأمول منه أن يمثل انفراجة للمعتقلين بالنسبة لأوضاعهم، إلا أن ذلك لم يحدث ، وذهب أهال للقول؛ إن مجمع سجون بدر، بات هو الأقسى الآن بين السجون المصرية.

وقالت "الشبكة المصرية لحقوق الإنسان"؛ إن نزلاء السجن، خاصة كبار السن، وقادة جماعة الإخوان المسلمين، يعتبرون الآن في عداد الموتى.

وتحت عنوان: "إحنا بنموت"، وصل للمنظمة الحقوقية المصرية ومقرها لندن رسالة مكتوبة بخط اليد من داخل "سجن بدر3"، في يناير 2023 الماضي، وتؤكد استمرار الانتهاكات الحقوقية في "تأهيل بدر 3"، بمجمع سجون بدر

وتحدثت الرسالة عن سوء الأوضاع المعيشة، والمعاملة، والرعاية الصحية، والتغذية، مشيرة إلى أنه مع قدوم فصل الشتاء، ورفض سلطات السجون دخول الملابس الشتوية، تنتشر الأمراض المزمنة بين المعتقلين.

وأوضحت أن كل ذلك أدى قبل أيام لوفاة المعتقل علاء السلمي، (المضرب عن الطعام)  مؤخرا ، الذي لم يتواصل مع أسرته منذ سنوات، لوجوده في سجن "العقرب"، بـ"طرة"، ثم "عقرب بدر" (تأهيل 3)، بحسب الرسالة.

ولفتت إلى تكرار مآسي وفاة المعتقلين، مذكرة بوفاة المعتقل حسن دياب، بسبب الإهمال الطبي وسوء الأحوال المعيشية في 26 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.

وأكدت أن "الانتهاكات تتواصل في سجن (بدر شديد 2)، قبل (تأهيل بدر3)"، ملمحة إلى وجود "اضرابات واعتراضات من المعتقلين ضد انتهاكات الأمن الوطني، وإدارة السجن، ومصلحة السجون" ، وأشارت إلى "تجريد المعتقلين المعترضين على الانتهاكات من الملابس والبطاطين بهذا البرد الشديد، وإيداعهم التأديب بلا طعام إلا رغيفا واحد يوميا، وبدون دواء".

وكشفت عن حجم التعذيب، موضحة أن "أحد المعتقلين اعترض على أحوال السجن؛ فتم إيداعه التأديب، وقام بعمل إضراب عن الطعام دون الالتفات إليه، ليفك الإضراب عندما شارف على الهلاك".

ووفق الرسالة، فإن أوضاع قيادات جماعة الإخوان المسلمين سيئة، مؤكدة أنهم "معزولون في (قطاع 2)، لا نراهم، ولا نعلم عنهم شيئا، ولا يتم عرضهم على المحكمة نهائيا".

وأوضحت أن "بعض القيادات حالتهم الصحية سيئة قد يكونون توفوا، ولا نثق من أنهم أحياء بعد"، ذاكرة أسماء: (المرشد العام للجماعة محمد بديع، ونائبه خيرت الشاطر، والقيادي محمود غزلان، والقائم بأعمال المرشد محمود عزت).

وقالت الرسالة؛ إن "بديع، والشاطر، معزولون مع معتقلين مخالفين لفكر الإخوان، من تنظيمات (القاعدة)، و(ولاية سيناء)، و(الدولة الإسلامية)"، موضحة أن "المحكومين معزولون في (قطاع 3 و4)، ولا نعلم عنهم شيئا، ويموتون ببطء".

وأكد مرسلو الرسالة أنه وسط "قتل ممنهج؛ نطالب بوفد ولجنة من حقوق الإنسان، والأمم المتحدة"، خاتمين شكواهم بالقول: "أغيثونا".

وفي حديثها عن معاناة زوجها المعتقل في سجن بدر، قالت زوجة أحد المعتقلين المنقولين حديثا إلى "مجمع سجون بدر" من "سجن العقرب": "تخيلنا أن الأمر سيكون أفضل، من حيث الزيارة، والمعاملة، والمعيشة، والمباني، ولكن التنكيل هو التنكيل، والمنع هو نفس المنع".

وفي تعليقه، قال المدير التنفيذي للشبكة المصرية لحقوق الإنسان، الحقوقي أحمد العطار: "الحقيقة ما يجرى بمركز (بدر للإصلاح والتأهيل 3)، جريمة تصفية جسدية عبر منع حقوق المعتقلين الدستورية والقانونية كافة".

وأكد أن "السلطات المصرية حاولت رسم صورة كاذبة عن تحسين ملف حقوق الإنسان، ولكن الواقع مؤلم ومحزن ومخيف"، لافتا إلى وقوع "5 وفيات حتى الآن منذ أن تم نقل المعتقلين في (بدر 3)، منتصف العام الماضي".

يذكر انه نحو 44 سجنا جديدا بناها السيسي، رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة وتكليف موازنة الدولة مليارات الجنيهات؛ يقبع بها نحو 65 ألف معتقل سياسي، وفق تقرير للشبكة العربية لحقوق الإنسان 12 نيسان/ أبريل 2021، لتصبح أعداد السجون في مصر 87 سجنا كلها تعاني مع مطلع العام الجديد من تصاعد الانتهاكات ."1"

وفي نفس السياق جدد “مركز الشهاب لحقوق الإنسان” إدانته للانتهاكات المتصاعدة التي ترتكبها إدارة سجن بدر استمرارا  لنهج النظام الانقلابي في التنكيل وعدم احترام أدنى معايير حقوق الإنسان، بما يخالف القانون ضمن مسلسل الجرائم والانتهاكات التي لا تسقط بالتقادم.

ووثق المركز استغاثة جديدة لعدد من أهالي معتقلي الرأي  داخل سجن بدر، حيث يتم تعمد التضييق عليهم فيما يخص إدخال الطعام المناسب لذويهم والذي هو من أساسيات الحقوق الإنسانية.

وذكر الأهالي في شكواهم أن إدارة السجن تمنع دخول أغلب أنواع الطعام بينها اللحوم والفراخ والبيض كما تمنع دخول الأسماك ، فضلا عن الكفتة والمحاشي والحلويات والأعشاب الطبية والمخبوزات .

وكان عدد من المنظمات الحقوقية بينها منظمة العفو الدولية ونحن نسجل الحقوقية ونجدة لحقوق الإنسان وجوار للحقوق والحريات قد وثقت انتهاكات متنوعة يتعرض لها المحتجزون داخل سجن بدر وسجون مصرية عدة منذ بداية العام اجاري 2023  ، منها سجن وادي النطرون وجمصة والمنيا شديدة الحراسة ، والوادي الجديد وسجن اسيوط وقنا العمومي ذلك بخلاف تصاعد الانتهاكات بأقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز  .

وطالبوا باحترام القانون وحقوق الإنسان ورفع الظلم الواقع على المحتجزين داخل السجن الذي تحول إلى مكان للقتل البطىء لمعارضي النظام الانقلابي ومناهضيه."2"

القتل بالإهمال الطبي مستمر بالسجون

ومن أحطر الانتهاكات المستمرة بالسجون المصرية منذ مطلع العام الجديد 2023 ، أستمرار ظاهرة الإعدام بالإهمال الطبي ، وقد شهد شهر يناير 2023 ، استشهد المعتقل سامح طلبة صالح عبدالله الزق، داخل محبسه بمركز شرطة الزقازيق بعد تدهور حالته الصحية نتيجة ظروف الاحتجاز المأساوية التي تفتقر لأدنى معايير حقوق الإنسان ، وذكر أحد اعضاء هيئة الدفاع عن معتقلي الرأي بالشرقية أن الضحية يبلغ من العمر 53 عاما، وكان محتجزا منذ شهر داخل مركز شرطة الزقازيق عقب انتهاء تنفيذ مدة الحبس سنتين بدون ذنب.

ومؤخرا رصد مركز "الشهاب لحقوق الإنسان" في تقريره "المشهد الحقوقي لعام 2022" ارتقاء 40 مواطنا داخل السجون نتيجة الإهمال الإهمال الطبي في ظل ظروف الاحتجاز المأساوية التي تفتقر لأدنى معايير السلامة وصحة الإنسان .

وأوضح أن زيادة عدد الوفيات بين المحبوسين السياسيين داخل السجون ومقار الاحتجاز تؤكد أن السجون وأماكن الاحتجاز في مصر غير مهيأة لاحتجاز البشر طبقا للقوانين والمواثيق الدولية، وأنها لا تتبع القواعد الدنيا لمعاملة السجناء.

وذكر أنه خلال التسع سنوات الماضية توفي نحو (865) محتجزا داخل مقار الاحتجاز المصرية المختلفة، منهم (40) مواطنا خلال عام 2022 .

وكان شهر ديسمبر 2022 شهد استشهاد عدد من المعتقلين، ففي 24 ديسمبر استشهد المعتقل فتحي النجدي سالم نتيجة لما تعرض له من إهمال طبي داخل قسم أول الزقازيق عن عمر ناهز 59 عاما، وهو من قرية "الغنيمية" مركز أبوكبير محافظة الشرقية."3"

وقد ندّدت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان بالإهمال الطبي المتعمّد في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة في مصر، واصفة الأمر بأنّه "إعدام طبي".

وتحدّثت الشبكة عن "مثال صارخ" لهذا الإهمال الطبي، بعد وفاة السجين السياسي جهاد عبد الغني سليم على أثر معاناة طويلة مع مرض السرطان، وما مثّله ذلك من "صدمة" بسبب ما وصفته بـ"الممارسات اللاإنسانية والتجاهل التي قابلت بها السلطات المصرية حالته، والإهدار المتعمد لحقوقه كسجين، وضرب مواد الدستور والقانون واللائحة الداخلية للسجون والأعراف والمبادئ الإنسانية، فضلاً عن تنحية المعاهدات الدولية، التي أقرّتها مصر ووقّعت عليها، جانباً، لتصبح هي والعدم سواء"، إذ إنّ "ما قامت به السلطات الأمنية المصرية من ممارسات (ترتقي) إلى جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار".

وأوضحت الشبكة أنّ التأخّر المتعمّد في تقديم العلاج والدواء والرعاية الصحية في التوقيت والمكان المناسبَين لجهاد، وغيره من السجناء السياسيين، خصوصاً كبار السنّ والمرضى، أدّى إلى تدهور حالاتهم الصحية مع تسجيل مئات الوفيات بين المحبوسين.

ورأت الشبكة أنّ السلطات المصرية لن تغير طريقة تعاملها مع المرضى بالسجون في العام الجديد 2023 ، رغم أنها مسؤولة بشكل مباشر عن توفير الرعاية الصحية اللازمة للسجناء والمعتقلين السياسيين، ويتعيّن على أجهزة الدولة المختلفة تقديم هذه الرعاية بالطريقة المناسبة التي تتماشى مع سلامة السجناء والمعتقلين وأمنهم.

أضافت الشبكة أنّ النيابة العامة مسؤولة عن التحقيق في الشكاوى والاستغاثات التي يرسلها السجناء المرضى، ويتوجب بالتالي عليها كشف أيّ تقصير متعمّد من قبل إدارات السجون، والتحقيق المباشر في ملابسات منع تقديم الرعاية الطبية اللازمة في التوقيت والمكان المناسبَين والتعامل بحزم مع أيّ تقصير أو إهمال."4"

منع الزيارة عن السجناء

ومع مطلع عام 2023 ، لم يتغير أسلوب زيارة السجناء السياسيين المصريين  الذي بدأ  منذ عام 2014،من خلال كمنع الزيارات عن كثير من المعتقلين ، بخلاف الزيارة من خلف حاجز زجاجي ، يمنع الزائرين من ملامسة النزلاء، ثم انتشر النهج في غالبية السجون.

وقد  تقدمت أسرة المعتقل السياسي المصري، محمد القصاص، مع بداية يناير الماضي بثلاثة بلاغات رسمية موجهة إلى وزير الداخلية، ورئيس مصلحة السجون، ومأمور سجن بدر 1، تلتمس منهم التدخل لتغيير وضع زيارته، بما يسمح بأن تكون الزيارة من دون الحاجز الزجاجي، بعد أن امتنع القصاص عن الزيارة الشهرية الأخيرة لأسرته، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، رداً على إصرار إدارة السجن على أن تكون الزيارة من خلال "الكابينة".

كما سبق أن امتنع الناشط السياسي، علاء عبد الفتاح، عن الخروج للزيارة للأسباب نفسها، وتقدمت والدته الأكاديمية المصرية ليلى سويف، بشكوى لمصلحة السجون، وأخرى للمجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي)، تضمنت تفاصيل ظروف حبسه، وحرمانه التام من التريض، وعدم السماح له، ولغيره من المساجين، بشراء احتياجاتهم الشخصية من "كانتين" السجن، خاصة مياه الشرب النظيفة، بالإضافة إلى أن الزيارات تجرى عن طريق الهاتف، وفي وجود حاجز زجاجي يمنع أسرته من اصطحاب ابنه إلى الزيارة.

وأكدت الشكوى على جميع حقوق علاء كسجين احتياطي قيد التحقيق، وأهمها الزيارة الطبيعية من دون حاجز زجاجي، ومن دون ترهيب حتى يتاح له ملامسة ابنه.

بدورها، اشتكت أسرة رئيس حزب مصر القوية، عبد المنعم أبو الفتوح؛ من الزيارة من خلف الحاجز الزجاجي، ووصفتها بأنها "وضع قاتل"، كما امتنع السياسي المصري البارز والمرشح الرئاسي السابق عن حضور الزيارة من خلال الحاجز الزجاجي منذ فبراير/ شباط 2021، ليس بهدف الانقطاع عن أسرته والعالم الخارجي، بل للمطالبة بعودة الزيارة إلى وضعها السابق، معبراً عن حاجته النفسية إلى القرب من أسرته، بخاصة أحفاده، خلال مدة الزيارة المحدودة، ومن ذلك الوقت، باتت الوسيلة الوحيدة للتواصل معه هي الخطابات.

وطالما ناشدت منظمات حقوقية مصرية، مصلحة السجون التوقف عن استخدام الحاجز الزجاجي في غرف الزيارات، وأوصت بتمكين السجناء من حقوقهم التي يكفلها القانون المصري، ومن بينها زيارتان على الأقل شهرياً، وتمكين المحبوسين احتياطياً من زيارة واحدة كل أسبوع من دون حاجز زجاجي أو أي معوقات إضافية غير ضرورية، بالإضافة إلى ضمانات حقوق الإنسان التي يقرها الدستور المصري.

وتنص المادة 93 من قانون مصلحة السجون المصرية، على التزام الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صدّقت عليها، وأن تصبح لها قوة القانون بعد نشرها، وفقاً للأوضاع المقررة.

وصدّقت مصر على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في عام 1982، وقالت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في تعليقها العام رقم 21 بخصوص الفقرة الأولى من المادة العاشرة في العهد الدولي، والمتعلقة بالمعاملة الإنسانية للسجناء والمحتجزين، إنه "لا يجوز تعريض الأفراد المحرومين من حريتهم لأي صعوبات أو عوائق أخرى إلى جانب الحرمان من حريتهم". "5"

انتهاكات بالجملة في حق  142 معتقلة  

أكدت منظمة "بلادي جزيرة الإنسانية" الحقوقية أن مصر تشهد مزيد من التضييق المتواصل على الحقوق والحريات العامة والخاصة والقمع بالرغم من الوعود بتحسين الأوضاع الحقوقية ،  وأن عام 2022 لم يختلف عما سبقه من حيث التضييق السياسي و أصبح من الواضح مع عام 2023   أن  الحديث عن أساليب القمع ستزداج ليكون مسار من تخوّل له أو لها نفسه أو نفسها معارضة النظام واضحا وجليا ينطلق من القبض وصولا للاحتجاز وسط غياب كلي لشروط المحاكمة العادلة مع انتهاك صارخ للحقوق وعدم الاكتراث بالقوانين الوطنية ، بما في ذلك دستور الدولة المصرية.

ورصد التقرير المعطيات الخاصة ب 123 امرأة و 23 طفلا تم القبض عليهم و إدراجهم على ذمة قضايا سياسية، أوتدويرهم عقب إخلاء سبيلهم خلال سنة 2022، ومستمر ذلك الوضع مع بداية عام 2023 .

كما أكد على تواصل حملات القبض على المواطنين/ات المصريين/ات بسبب آرائهم على غرار السنوات المنصرمة وأشار إلى استمرار معاناة معتقلي الرأي  من المحاكمات الجائرة والاحتجاز في ظروف سيئة للغاية  رصدت بلادي 142 حالة قبض على نساء وأطفال خلال سنة 2022 .

وأشار التقرير إلى  أن حالات القبض في تزايد مقارنة بسنة 2021، فقد رصدت بلادي حوادث قبض في 2021 ضد 59 امرأة، 23 طفلا  بإجمالى 82  مقبوضا عليهم  ، بينما وصل العدد خلال2022 إلى 142 مقبوضا عليهم   من النساء والأطفال .

ورصدت "بلادي" 80 حالة إخفاء قسري بينها 65 امراة و15 طفلا من بين 146 حالة قبض تعسفي خلال عام 2022   بمعدل الاختفاء 72 يوما للمحتجزة الواحدة وبلغت أقصى مدة اختفاء خلال السنة المنصرمة 185 يوما ، وهو ما لا يدع مجالا للشك أن السلطة تخضع المحتجزين/ات للتحقيق والاستنطاق خارج كل الأطر القانونية.

وذكرت أن  أبرز مثال على ذلك نهال حسين أبو القاسم البالغة من العمر 36 أم لبنتين تم القبض عليها و زوجها في 21 مايو 2019 حيث بقيت مختفية قسريا حتى تم عرضها على التحقيق 11 ديسمبر 2022 ليتم حبسها على ذمة القضية 2365 لسنة 2022 حصر أمن الدولة العليا بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية دون فتح تحقيق في إخفائها أو التدقيق في الآجال القانونية للقبض والعرض على النيابة.

وخلص التقرير إلى أن سلطات النظام الانقلابي في مصر اعتمدت في السنة  الماضية 2022 أسلوبها الروتيني للتعذيب وسوء المعاملة في حق المقبوض عليهم على خلفية سياسية ، ولن يتغير ذلك في عام 2023 ، كذلك المحاكمات التي تديرها هياكل الدولة بطريقة متناغمة بين محاضر الشرطة واتهامات النيابة وحكم القضاء."6"

مركز النديم يرصد 1249 انتهاكا 

وفي سياق متصل، رصد مركز النديم لمناهضة العنف والتعذيب 1249 انتهاكا متنوعا  خلال عام 2022 المنقضي ، وظهور 2240 من المختفين قسريا لمدد متفاوتة أثناء عرضهم على نيابة الانقلاب العليا على ذمة قضايا ذات طابع سياسي .

حيث رصد 49 حالة قتل خارج إطار القانون و52 حالة وفاة داخل السجون نتيجة الإهمال الطبي المتعمد وافتقار مقار الاحتجاز لأدنى معايير سلامة وصحة الإنسان .

يضاف إليها 141 حالة إهمال طبي و40 حالة تعذيب فردي و194 حالة تكدير فردي 62 حالة تكدير جماعي و275 حالة إخفاء قسري و177 حالة عنف دولة و159 حالة تدوير ضمن مسلسل جرائم العبث بالقانون وعدم احترام أدنى معايير حقوق الإنسان.

وأوضح المركز أن الـ49 مواطنا الذين  قتلوا في عام 2022 برصاص قوات أمن النظام الانقلابي غير معروف أسماؤهم فيما عدا ضحية واحدة منهم،  وقال:  "وكأنهم دون هويات ودون حيوات ودون أسر وأبناء كتب عليهم الفقدان بلا رجعة، هذه الأرقام ليست من اختراعنا أو مصادرنا كما سوف يتضح في جداول الأرشيف، بل هي بالأساس من صفحات وزارة الداخلية والقوات المسلحة"

وذكر أن الـ 52 مواطنا الذين لقوا حتفهم داخل أماكن الاحتجاز، إما محرومون من الرعاية الطبية أو نتيجة سوء المعاملة من بينهم شاب فقد حياته لعدم توفر حقنة أنسولين وآخر توفي نتيجة مضاعفات الإضراب عن الطعام الذي ، ولم يلق متابعة أو رعاية من إدارة سجن بدر (3) الثقب الأسود المسمى بمركز الإصلاح والتأهيل

وأضاف  أنه رصد  142 محتجزا ومحتجزة يعانون من الإهمال الطبي المتعمد محرومين من العلاج ومن الفحوصات اللازمة ومن جراحات ضرورية وقال: "ألم يوجد في هذا البلد من رشيد يحول دون لحاقهم بمن قضوا داخل السجون؟"

وكشف الأرشيف عن تصدر السجون قمة أماكن الاحتجاز التي تشهد تعذيب للمحتجزين دون محاسبة أوعقاب للجلادين حيث رصد 40 حالة لمواطنين تعرضوا للتعذيب الفردي في أماكن الاحتجاز،  يضاف اليهم 109 محتجزين / محتجزات تعرضوا للتكدير في السجون بأشكال  يجوز  وفقا للتعريف الدولي للتعذيب  ضمهم لهؤلاء الذين تعرضوا للتعذيب، حيث يحرم المواطنون والمواطنات في الحالات كلها  من حريتهم في زنازين مغلقة تتحكم فيهم إدارة وسجانون وجلادون لا يحكمهم قانون ولا لوائح ولا إشراف ولا حساب ولا عقاب."7"

وفي سياق متصل، أصدرت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، تقريرها السنوي الرصدي، لمتابعة أداء دوائر الإرهاب في مرحلة ما قبل المحاكمة، أكدت فيه أن قرارات إخلاء السبيل لم تتجاوز 1.4% من مجمل قراراتها.

التقرير السنوي الذي تصدره الجبهة، يراقب أداء هذه الدوائر في جلسات نظر أوامر تجديد حبس المتهمين أمام غرفة المشورة، ورصد قرارات تجديد الحبس وإخلاء السبيل في هذه الجلسات خلال عام 2022، وأداء دوائر الإرهاب في مرحلة ما قبل المحاكمة خلال عام 2022.

وبحسب رصد الجبهة المصرية لحقوق الإنسان خلال عام 2022 لأداء دوائر الإرهاب في مرحلة ما قبل المحاكمة، عقدت 3 دوائر إرهاب 141 جلسة، نظرت فيهم ما لا يقل عن 25034 قرار تجديد حبس موزعين على 2294 قضية أمن دولة (وعدد آخر غير معلوم في 15 جلسة).

كما أصدرت الدوائر فيها قرارات إخلاء سبيل 354 متهمًا فقط، بنسبة لا تتجاوز 1.41% بحد أقصى من إجمالي أوامر الحبس المنظورة، أكثريتهم في نصف العام الأول، في حين قامت بإخلاء سبيل 11 شخصًا فقط في النصف الثاني من العام. وأصدرت قرارات بتجديد الحبس تلقائيًا لمدة 45 يوم للباقي، في انخفاض شديد لأعداد إخلاءات السبيل مقارنة بالعامين الماضيين على الأقل."8"

كما رصدت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، تواضع أعداد إخلاءات السبيل في القضايا السياسية المعلن عنها من لجنة العفو والنيابة المصرية، في مقابل زيادة مضطردة في أعداد المقبوض عليهم في قضايا أمن دولة بلغت أكثر من ضعفي أعداد المخلى سبيلهم في نفس الفترة، بعد أكثر من 8 شهور على إعادة تفعيل لجنة العفو

وأكدت الجبهة، في بيان مقتضب، أنه بالإضافة إلى استمرار تجديد حبس آلاف المواطنين أمام نيابة أمن الدولة العليا ودوائر الإرهاب، بلغ عدد المقبوض عليهم لأول مرة في قضايا أمن دولة منذ نهاية إبريل/نيسان 2022 وحتى يناير/كانون الثاني الجاري ما لا يقل عن 2559 شخصًا، وذلك في مقابل إخلاء سبيل 721 شخصًا على الأقل، أعلنت لجنة العفو الرئاسية والنيابة العامة إخلاء سبيلهم، سواء بعفو رئاسي أو بقرارات من النيابة."9"

استنكار دولى للوضع الحقوقي بمصر

ومع مطلع العام 2023، واصلت المنظمات الحقوقية استنكارها للوضع الحقوقي بمصر ، حيث أعلنت منظمة العفو الدولية، في متصف يناير اماضي  تقدمها بمذكرة إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، سلطت فيها الضوء على تدهور حالة حقوق الإنسان في مصر، والانتهاكات المستمرة لالتزاماتها بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية، وذلك بالتزامن مع حلول الذكرى الثانية عشرة لاندلاع ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011.

وقالت المنظمة إن المذكرة توضح النتائج التي توصلت إليها بشأن العنف والتمييز المتجذرين ضد المرأة والأقليات في مصر، ولجوء السلطة الحاكمة المتكرر إلى عقوبة الإعدام، والتعذيب، والاعتقال التعسفي، والمحاكمات الجائرة، وقمع حرية التعبير والتجمع، وتكوين الجمعيات الأهلية أو الانضمام إليها.

وأضافت المنظمة، في تقرير لها، أن نتائجها بمثابة تذكير صارخ بالأزمة الحقوقية في مصر، والإفلات من العقاب، والآمال المُحبطة للمصريين الذين تظاهروا في الشوارع منذ 12 عاماً ضد نظام الرئيس المخلوع الراحل محمد حسني مبارك، مطالبين بالحرية والكرامة.

وناشدت منظمة العفو الدولية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التركيز على ملف حقوق الإنسان في مداولاتها مع مصر، ولا سيما مع التراجع المقلق للحماية القانونية منذ عام 2013، والانتهاكات الحقوقية واسعة النطاق منذ تولي السيسي الحكم .

وأشارت المنظمة إلى توظيف عقوبة الإعدام للتخلص من معارضي النظام، وحرمانهم المحاكمة العادلة، فضلاً عن الانتهاكات المتعلقة بقمع الحق في حرية الفكر والدين، أو بشأن حرية التعبير والتجمع السلمي.

ولفتت كذلك إلى ممارسة التعذيب، وغيره من ضروب المعاملة السيئة للمعارضين السياسيين، بمن فيهم الأطفال، بطريقة روتينية في أماكن الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية من قبل جهاز الشرطة، وقطاع الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية."10"

وفي سياق متصل قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" : "السلطات لم تتخذ أي خطوات تُذكر لتخفيف حملة القمع الشاملة ضد المنتقدين أو إلغاء أي من القوانين العديدة التي تُستخدم بشكل اعتيادي لتقييد الحريات الأساسية".. هكذا خلص التقرير السنوي لمنظمة الحقوقية الدولية لحالة حقوق الإنسان في مصر خلال العام الماضي

التقرير قال إنه رغم مرور عام على إطلاق الحكومة المصرية للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، لكن شيئا لم يحدث، فبينما أفرجت السلطات عن مئات المحتجزين على دفعات، اعتقلت كثيرين آخرين وأعادت اعتقال بعض المفرج عنهم، وما زال الآلاف محتجزين ظلما بسبب نشاطهم السلمي.

وعلى الرغم من إعلان  "عبدالفتاح السيسي" أن عام 2022 سيكون "عام المجتمع المدني"، لكن ما يزال أعضاء أساسيون في المجتمع المدني يواجهون إجراءات منع السفر وتجميد الأصول التعسفية والتحقيقات الجنائية انتقاما من نشاطهم السلمي أو انتقادهم.

فعلى صعيد انتهاكات الشرطة وقوات الأمن، قال تقرير "رايتس ووتش"، إن عناصر الشرطة والأمن الوطني، واصلوا إخفاء المعارضين قسرا في أماكن احتجاز غير رسمية، حيث يتعرض المحتجزون للتعذيب والإكراه على الاعتراف.

وحول أوضاع السجون والوفيات في الاحتجاز، قال التقرير إنها ظلت في وضع مزر، خاصة أنها "محمية من الإشراف أو الرقابة"، رغم حملات العلاقات العامة الحكومية التي تروّج لافتتاح سجون جديدة

كما انتقدت "رايتس ووتش"، حرمان المصريين من المحاكمات العادلة والإجراءات الواجبة، ففي فبراير/شباط 2022، صدرت أحكام بالسجن بحق "عبدالفتاح"، والمحامي الحقوقي "محمد الباقر"، والمدوّن "محمد (أوكسجين) إبراهيم"، وذلك من قبل محاكم أمن الدولة طوارئ استثنائية ولا تخضع للاستئناف. "11"

المصادر:

  1. "رسائل مفزعة لمعتقلين مصريين بمجمع سجون بدر الجديد.. "إحنا بنموت"، عربي21 ، 20 يناير 2023 ، https://cutt.us/xvN9p
  2. "تصاعد الانتهاكات بسجن بدر"، بوابة الحرية والعدالة ، 17 يناير  2023 ، https://cutt.us/d50aG
  3. "استشهاد المعتقل سامح طلبة بمركز شرطة الزقازيق.. أول وفاة داخل السجون في 2023" ، بوابة الحرية والعدالة ، 27 يناير، 2023 ، https://cutt.us/y8yad
  4. "تنديد حقوقي بـ"الإعدام الطبي" في سجون مصر" ، العربي الجديد، 8 يناير 2023، https://cutt.us/G2DNA
  5. " زيارة سجناء مصر من خلف حاجز زجاجي... عقوبة إضافية" ، العربي الجديد، 16 يناير 2023، https://cutt.us/OyslG
  6. "انتهاكات بالجملة ضد 142 من النساء والأطفال خلال 2022 " ، بوابة الحرية والعدالة ، 28 يناير  2023 ، https://cutt.us/Va8uh
  7. " مركز النديم يرصد 1249 انتهاكا في أرشيف القهر لعام 2022" ، بوابة الحرية والعدالة ، 30 يناير، 2023، https://cutt.us/rhx2w
  8. "1.4% حصيلة قرارات إخلاء السبيل من دوائر الإرهاب في مصر خلال 2022" ، العربي الجديد، 16 يناير 2023، https://cutt.us/60BSP
  9. "اعتقال أكثر من 2500 مصري مقابل الإفراج عن 700 خلال 8 شهور"،العربي الجديد، 9 يناير 2023، https://cutt.us/BkdkD
  10. "العفو الدولية" ترفع مذكرة للأمم المتحدة عن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر" ، العربي الجديد، 25 يناير 2023، https://cutt.us/ZF7qq
  11. "تقرير رايتس ووتش العالمي: لا تخفيف لحملات القمع وقوانين تقييد الحريات بمصر" ، الخليج الجديد، 12 يناير 2023، https://cutt.us/nhBku