مصر: رفض شعبي واسع لتعديل قانون قناة السويس بغرض بيع ممتلكاتها

الأربعاء - 28 ديسمبر 2022

إنسان للإعلام- خاص:

تصدرت قناة السويس حديث الشارع المصري خلال الأيام الماضية، كما تصدر وسم #قناة_السويس مواقع التواصل الاجتماعي، بعد موافقة برلمان السيسي من حيث المبدأ على مشروع قانون مقدم من حكومة الانقلاب على تعديل قانون الهيئة وإنشاء صندوق مملوك لهيئة قناة السويس، يكون من حقه "شراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال الأصول الثابتة والمنقولة والانتفاع بها".

وقد وافق المجلس خلال جلسة عامة، الإثنين 19 ديسمبر 2022، على مشروع قانون مقدم من الحكومة لإنشاء صندوق مملوك لهيئة قناة السويس، يهدف لتنمية موارد القناة من خلال استغلال وتعظيم قيمة أموال ستوضع فيه.

 ويعمل المشروع على تعديل بعض أحكام القانون رقم 30 لسنة 1975 بنظام هيئة قناة السويس، وتم إرجاء الموافقة النهائية على المشروع لجلسة قادمة.

اعتراض نواب السيسي 

وقد اعترض عدد من أعضاء مجلس نواب السيسي، على التعديلات الجديدة التي رأوا أن هدفها "بيع أصول مملوكة لهيئة قناة السويس".

وفي تصريح تلفزيوني، قال النائب عاطف مغاوري إن "موارد قناة السويس تعد موردا رئيسيا للخزانة العامة المصرية ويجب عدم الاستقطاع منها".

وأضاف أن "القناة لديها بالفعل 9 شركات تابعة لها تقوم بالاستثمار في مشروعات مختلفة، أما الصندوق الجديد فسيكون له مجلس إدارة وجمعية عمومية وله الحق في البيع وطرح الأوراق المالية فسيكون كجهة موازية للقناة".

واعترض مغاوري، خلال جلسة البرلمان، على مشروع القانون، وقال: “أربأ بهيئة قناة السويس أن تلحق بمغارة علي بابا المسماة بالصناديق الخاصة، قناة السويس ليست مرفقا عاديا وإنما تجسيد لتاريخ الشعب المصري”.

النائب محمد عبد العليم داوود، رفض هو الآخر مشروع القانون، قائلا: “إنشاء صندوق بهيئة قناة السويس هو بمثابة تفريغ مصر من أموالها، وتحويل المال العام إلى مال خاص”.

ولفت داوود، إلى أن تعديل قانون هيئة قناة السويس يمثل خطرا داهما على مصر.

وشبّه النائب مشروع قانون إنشاء صندوق لهيئة قناة السويس، بمشروع  بيع الأهرامات في سبعينات القرن الماضي، الذي تصدت له البرلمانية نعمات أحمد فؤاد.

وأوضح رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، أن الحكومة تقترض لسداد الديون ولا تقترض للإنتاج، وهذا أمر خطير على الاقتصاد المصري ويجب إعادة ترتيب الأولويات.

وأعلنت البرلمانية مها عبد الناصر، عضوة مجلس النواب، رفضها مشروع القانون، وقالت إن هذا الصندوق يؤثر سلبا على قناة السويس، وتساءلت إن كان الهدف من إنشاء الصندوق تسكين بعض الوظائف لبعض المسؤولين.

مميش يفتح النار على القانون

من جانبه، فتح مستشار السيسي للموانئ، والرئيس السابق لهيئة قناة السويس مهاب مميش النارعلى المشروع المقدم من الحكومة، قائلا : إن القانون المعروض على البرلمان "يفتح الباب أمام سابقة لم تحدث منذ عقود طويلة، وهي وجود أجانب في إدارة قناة السويس تحت مسمى الاستثمار"،  ما دفع صحيفة "المصري اليوم" إلى حذف تصريحاته بعد ساعات قليلة من نشرها على موقعها الإلكتروني.

وقال مميش، في حوار مع موقع "بصراحة" الإخباري، المدعوم من أحد الأجهزة الأمنية: إن "مشروع القانون الجديد مرفوض بشكل قاطع، بوصفه سرطاناً ومدخلاً للأجانب في إدارة القناة"، مضيفاً: "هذا أمر حساس جداً، ومش عشان شوية فلوس نسيب القناة للأجانب، لأنه يوجد طرق كثيرة نجيب منها الفلوس، ونعمل منها الاستثمارات"، على حد تعبيره.

رفض القوى السياسية المختلفة

 من جهتها، أعربت الحركة المدنية الديمقراطية المعارضة، رفضها القاطع لمشروع إنشاء صندوق لهيئة قناة السويس، واعتبرته "تهديدًا لسيادة مصرعلى مواردها الاستراتيجية"، و"تهديدًا لأمنها القومي".

وذكرت الحركة المدنية في بيان لها، الثلاثاء 20 ديسمبر 2022، أنها "تعارض هذا المشروع ليس فقط لمساوئه الاقتصادية، ولكن أيضا لمخاطره السياسية والاستراتيجية".

وتابع البيان: "سبق للحركة المدنية أن طالبت مؤسسات الحكم في بيانها في 6 سبتمبر الماضي بعدم الاندفاع في اتخاذ قرارات اقتصادية تتعلق بالأصول ذات الطابع الاستراتيجي والتي تمس الأمن القومي قبل أن تستمع إلى رأي المعارضة في الحوار الذي دعت إليه، لأن من شأن هذا الأسلوب إهدار قيمة الحوار وجدواه" وأكدت الحركة نفس هذا المعنى في المؤتمر الذي عقدته بحزب المحافظين في 11 ديسمبر 2022، وقالت إن  "مقتضيات الحوار تستوجب طرح القضايا الكبرى للنقاش أولا قبل اتخاذ قرارات بشأنها".

فيما نددت جماعة الإخوان المسلمين بهذا الفعل واعتبرته خيانة واضحة لمصر، ولدماء المصريين، التي روت هذه الأرض، "فلا يحق لأحد التفريط فيها أو المساس بسيادة الدولة المصرية عليها ".

وحذرت الجماعة، في بيان لها الأربعاء 21 ديسمبر 2022، من مآلات هذه الخطوة الخطيرة على وطننا الحبيب وعلى الأجيال القادمة"، داعية "جميع القوى الوطنية للوقوف يداً واحدة ضد هذا التحرك المشئوم "

وأكد المجلس الثوري المصري أن " أكثر الأنظمة عمالة وخيانة لا يمكنها الإقدام على تلك الخطوة إلا أن ما يسمى الجيش المصري قد تجاوز كل الخطوط في عمالته وخيانته على مر العصور، داعيا، في بيان له الأربعاء 21 ديسمبر، الشعب المصري وهو صاحب الحق الًأصيل في القناة بالدم والتاريخ والأرض  إلى الإعلان عن رفضه التام لأي عمليات بيع تحدث لأسهم القناة بأي شكل من الأشكال."

كما أصدرت حركة الاشتراكيين الثوريين المصرية بيانا الأربعاء 21 ديسمبر، قالت فيه : " بعد أن تنازل "السيسي" عن تيران وصنافير دعمًا لعلاقاته بالسعودية وإسرائيل لتثبيت أركان حكمه، ها هو يعود ليوجه حكومته إلى تمرير مشروع قانون خصخصة قناة السويس، عبر برلمان فصلته أجهزة المخابرات بعيدًا عن الشعب المصري وقواه الحية"، وهاجمت النظام الذي  يتمادى في سياسات الخصخصة إلى حدّ لم يتخيله حتى أكثر المتشائمين، ليصل إلى محطة قناة السويس، التى حفرها مئات الألوف من المصريين بدمائهم، ومات على رمالها الألوف من الجنود، وهم يدافعون عنها" .

من جهته، أصدر رئيس حزب الإصلاح والتنمية، المقرب من دوائر أمنية في النظام، محمد أنور السادات، بياناً، الأربعاء 21 ديسمبر، يدعو فيه الدولة إلى "الاستماع للرافضين والمتخوفين من مشروع قانون صندوق قناة السويس، بسبب ردود الفعل الواسعة إزاء القانون، وما صاحبها من تخوفات ومحاذير، والتي لا ينبغي أبداً تجاهلها، أو المضي قدماً في تمرير التشريع من دون الالتفات إليها، خصوصاً أن القناة لها رمزية في قلوب كل المصريين، وترتبط بتاريخ طويل من التضحيات والكفاح".

وحذر السادات، في بيانه، مما يُقال بشأن "تفاهمات حالية مع بعض الدول الخليجية للشراكة والاستحواذ على بعض الشركات المملوكة لهيئة قناة السويس، وما يرتبط بها من تهديد للسيادة على القناة والأمن القومي، وغيرها من الأمور المثارة حول إنشاء الصندوق، وارتباط ذلك باشتراطات صندوق النقد الدولي لمنح مصر قرض جديد بقيمة 3 مليارات دولار".

وقال رئيس تحرير صحيفة المصريون، جمال سلطان، عبر تويتر : " "الحكومة تقدم مشروع قانون لإخضاع قناة السويس لصندوق استثماري؛ مما يمهد لنقل ملكيتها للصندوق السيادي لتوضع على خريطة البيع لأملاك الدولة المصرية، والبرلمان يوافق مبدئيا. القانون الخطير ينص على شراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال أصولها الثابتة والمنقولة والانتفاع بها، الخراب المستعجل ".

 كما طالب سلطان في تغريدة أخرى برفع الصوت في مواجهة هذا القانون. وقال: "على كل مصري، وكل صاحب قلم أو صوت أو رأي أو ضمير، أن يرفع صوته عاليا برفض المؤامرة الإجرامية الخطيرة التي تتم حاليا بتمرير قانون يمهد لبيع أو رهن قناة السويس المصرية، فضلا عن الاستيلاء على مواردها قبل البيع أو الرهن بدعوى استثمارها، نحن أمام مشروع خيانة وطنية صريحة، الوطن في خطر".

ومن جهته قال الباحث والمفكر المصري، عمار علي حسن: "يبدو أننا قد انتهينا من بيع الأثاث، وبدأت مرحلة بيع جدران البيت. أتحدث عن قانون ينظره البرلمان الآن عن إنشاء صندوق لهيئة قناة السويس يكون من حقه "شراء وبيع وإيجار واستئجار الأصول الثابتة والمنقولة والانتفاع بها"، يا لضيعة أرواح الذين استشهدوا في التأميم، والذين دفعوا أثمانا بسببه".

وقال المحامي نجاد البرعي: "  لا يجب أن تكون هناك أي موازنات مستقلة أو صناديق خاصة " .

من جانبها، تنفي حكومة السيسي أي نية لبيع قناة السويس، وادعى المستشار علاء الدين فؤاد، وزير شؤون المجالس النيابية، أن الهدف من الصندوق هو تحقيق التنمية الحقيقية للهيئة.

وجاءت موافقة مجلس نواب السيسي بعد أيام من إعلان صندوق النقد الدولي، منح مصر حزمة دعم مالي لمصر بقيمة 3 مليارات دولار لمدة 46 شهرا، إضافة إلى حزمة تمويلية بنحو 14 مليار دولار.

وأعلن صندوق النقد الدولي، في البيان، أن التمويل الإضافي بقيمة 14 مليار دولار، سيتم سدادها ببيع مزيد من أصول الدولة.

ننشر ملفا كاملا عن محاولات بيع القناة- للقراء اضغط هنا