سقوط المهنية لتبرير "هيروشيما" الصهيونية.. هكذا تعامل الإعلام الغربي مع "طوفان الأقصى"

السبت - 14 أكتوبر 2023

  • الرئيس الأمريكي يردد مزاعم الاحتلال بقطع حماس رؤوس 40 طفلا إسرائيليا ويبني عليها قرارات خطيرة
  • الموقع الاستقصائي "جرين زون": مستوطن متطرف اخترع قصة قتل أطفال ومدنيين إسرائيليين ونقلتها صحف غربية دون تحقق!
  • سفير فلسطين في لندن يكشف انحياز  الإعلام ويقول لـ بى بى سى: لم تدعوني إلا حين ذاقت إسرائيل من نفس الكأس
  • ناشطة أمريكية: لماذا يثير الاعلام الغربي جلبة حين يموت إسرائيلي ولا يهتمون حين يموت فلسطيني؟!
  • الأزهر يدعو إلي وقف تزييف الحقائق وتضليل الرأي العام العالمي والكيل بمكيالين ويطالب بتوعية شاملة عن قضية فلسطين

 

إنسان للدراسات الإعلامية- وحدة الرصد:

من أجل تبرير العدوان الهمجي الصهيوني على غزة، وتبرير تحويل طائرات الاحتلال غزة إلى هيروشيما ثانية، انتهج الاعلام الغربي، خاصة الأمريكي والبريطاني والفرنسي، عنصرية مقتيه في مواجهة فلسطين والمقاومة الاسلامية.

لم ينشروا فقط الأكاذيب مثل قطع رجال المقاومة رؤوس الاسرائيليين وقتلهم أطفال ونساء، ولكن حرصت كافة الفضائيات الأمريكية والبريطانية علي طرح سؤال واحد على ضيوفها هو: "هل تدين هجوم حماس علي إسرائيل"!!

الأكاذيب بدأت ضخها آلة الدعاية الصهيونية عبر تسريب أخبار كاذبه للمراسلين الأجانب في اسرائيل عن "إجرام" حماس وتصوير جنود القسام علي أنهم "دواعش" متطرفين قتلوا النساء والأطفال وقطعوا الرؤوس.

وتلقفها الإعلام الأمريكي والبريطاني والغربي عموما، ومراسليهم ونشروها على انها حقائق مع أن لهم مراسلين على الأرض يمكنهم التحقق من كذب أو صحة المعلومة، لكنهم نقلوها بدون أي تأكيد كنوع من الدعاية الكاذبة.

لم يقتصر الأمر على ذلك، ولكن أنتج الاعلام الغربي ازدواجية في التعامل مع المدنيين الفلسطينيين والاسرائيليين، فتم تصوير الاسرائيليين على أنهم ضحايا وحماس قامت بترويعهم وخطف بعضهم وقتل آخرين داخل منازلهم، لجب التعاطف مع الاحتلال وتبرير مجازره ضد المدنيين في غزة.

وبالمقابل تعامي الاعلام الغربي -كعادته- عن الجرائم الصهيونية في غزة ضد المدنيين وقتل آلاف الأطفال والنساء وأسر كاملة، واستخدام الاحتلال أسلحة محرمة مثل الفسفور الأبيض الحارق، وقطع الماء والكهرباء والغذاء عن غزة، في عملية إبادة جماعية غير مسبوقة على أهل القطاع.

تزييف الحقائق

لم تكن المفاجأة أن نشهد ازدواجية في تعامل الإعلام الغربي مع القتل في إسرائيل مقابل القتل في غزة، ولكن المفاجأة أن وسائل الإعلام المشهود لها بالمهنية تجاهلت كل قيم الصدق والشرف في معركة غزة وانحازت لإسرائيل.

شبكات كبري مثل BBC وFox News وCNN وغيرها تورطت في نشر أكاذيب غير عادية وظلت تحاول تستنطق حتى رموز السلطة الفلسطينية وشخصيات عربية لإدانة هجوم حماس علي جنود الاحتلال والمستوطنات، كي تبين أن الجميع يدين حماس والشعب الفلسطيني لأنه سعي لتحرير نفسه ورفع الحصار!

حين كان السفير الفلسطيني في بريطانيا، حسام زملط، يتنقل بين القنوات الإنجليزية والأمريكية كان يفاجأ بسؤال واحد، يطرحه معظم المقدمين بغض الطرف عن المؤسسة التي ينتمون إليها: هل تدين حركة "حماس" وعمليتها "طوفان الأقصى"؟

رغم أن الرجل كان ذكيا واستطاع بأجوبته وجرأته قلب الطاولة على المذيعين، الذين كانوا يودون انتزاع كلام منه يدين حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، خاصة أنه سفير السلطة الوطنية الفلسطينية، لكنه لم يتخيل أن يكون السؤال موحدا في مؤسسات تدعي أنها مهنية وتنقل الحقائق.

السفير الفلسطيني وهو يرد على أسئلة BBC وCNN وسكاي نيوز البريطانية فضح زيف ادعاءات الإعلام الغربي، وانه يدعي أنه مع الديمقراطية والحرية لكن الحقيقة أنه يكيل بمكيالين.

حسام زملط قال لمذيعي BBC وCNN: لماذا هناك "هوس بإدانة الضحية ولوم الضحايا وإدانة من هم تحت الاحتلال والاستعمار والمحاصرين منذ سنوات طويلة"؟

ورفض زملط الإجابة عن أسئلة مذيعة "بي بي سي" حول إذا ما كان يدين معركة طوفان الأقصى، واعتبر مبدأ السؤال فاسدا من الأصل، وانتقد القناة لعدم استضافته له إلا حين ذاقت إسرائيل من الكأس الذي يذوقه الفلسطينيون منذ بدء الاحتلال.

قال السفير في لقائه مع "بي بي سي" إن "كل هذا بدأ منذ أن سلبتنا بريطانيا حقوقنا دون استشارتنا والرجوع إلينا، ليثبت نهج المجتمع الغربي والدولي فشله بالكامل!"(فيديو)

وذكر "زملط" في مقابلة أخرى مع "سكاي نيوز" أن هذا الهوس بإدانة الضحايا وتوجيه الاتهام للمحاصرين ومن هم تحت الاحتلال طرح غير أخلاقي، لما فيه من منح الحق "لإسرائيل حصرا في الدفاع عن نفسها وتصويرها على أنها تحت الحصار"

أيضا تطرق السفير مع محطة سي إن إن الأميركية إلى مأساوية الوضع القائم المتمثل في مقتل الآلاف على كلا الجانبين، مشيرا إلى أن "العالم والمجتمع الدولي يغضان نظرهما ويصمان آذانهما عن انتهاكات الاحتلال بحق المدنيين الفلسطينيين لعقود، ويتحدث عند مقتل الإسرائيليين فقط"

وأشاد كثيرون على منصات التواصل بمقابلات السفير زملط واعتبروا أنها تهدم محاولات الإعلام الغربي تأطير القضية وفرض وجهة نظرهم على الجميع.

وعلق مدونون بأن زملط أحسن التعبير عن حقيقة القضية، ونسف محاولات المذيعين لإجباره على تبني رؤيتهم وأحرج المؤسسات الإعلامية الغربية وكشف ازدواجيتها.

وأظهر الإعلام الغربي المكتوب والمقروء والمسموع، تحيزا وعنصرية وأثار زوبعة إعلامية بسبب مقتل وجرح وأسر آلاف الإسرائيليين، في حين لزمت الصمت على تدمير غزة عن بكرة أبيها، وقتل النساء والأطفال، وقصف المستشفيات والمساجد، واقتحام المسجد الأقصى، وانتهاك حرمة مدينة القدس.

بل وصمت على اعلان اسرائيل أنها لن تعالج المصابين من مقاتلي حماس الذي سقطوا جرحي ومنعها الماء والطعام والكهرباء وقصف الاسعاف واستعمال الفسفور الحارق المحرم دوليا.

الكاتبة البريطانية ميلينا فيليبس، كتبت في صحيفة "تايمز" البريطانية تقول إن "وحشية حماس هي الأسوأ منذ المحرقة (أي قصة إبادة هتلر لليهود)".

زعمت أن "نحو 1000 من إرهابيي حماس اقتحموا السياج الحدودي، وهاجموا المجتمعات في البلدات والقرى والكيبوتسات في جميع أنحاء جنوب البلاد وكان هدفهم القتل الجماعي للمدنيين الإسرائيليين"

وادّعت أنهم "انتقلوا من منزل إلى آخر وذبحوا ساكنيه وأحرقوا منازلهم وأطلقوا النار على الناس في سياراتهم وقتلوا كبار السن من الرجال والنساء والأطفال الصغار، وضربوا إسرائيليا حتى الموت بفأس"!!

وبرغم أن معظم ما قالته ادعاءات كاذبة، لم تُشر ميلينا في مقالها إلى حصار قطاع غزة أو حرمان سكانه من أيسر حقوقهم، وقصف مدنهم وقتل الأبرياء فيها.

أيضا هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" استخدمت في وصف شهداء غزة فعل "ماتوا"، وفي وصف القتلى الإسرائيليين فعل "قتلوا"، في إشارة إلى أن الإسرائيليين قتلتهم حركة حماس، وضحايا غزة قُتلوا بالخطأ، أو أن الاحتلال لم يستهدفهم!!

حتى صحيفة "إيكونومست" الرصينة لم تبتعد عن خط "التحيز الإعلامي" ونشرت مقالا بعنوان، "الرهائن الإسرائيليون يواجهون محنة مرعبة"!!

وصفت يوم انطلاق "طوفان الأقصى" بيوم الرعب وقالت إن حماس "اختطفت عددا لا يحصى من الإسرائيليين، وركزت على مقابلات حزينة مع عائلاتهم على التلفزيون الإسرائيلي لتبين "وحشية حماس"!

بينما لم تكترث الصحيفة نفسها لآلاف المعتقلين من النساء والأطفال والشيوخ والشباب في السجون الإسرائيلية، ولا يُعرف مصيرهم، أو كيف يُعاملون؟

صحيفة نيويورك تايمز قالت في افتتاحيتها، 8 أكتوبر 2023، إن "الهجوم الإرهابي الوحشي الذي شنته حماس على إسرائيل، هو مأساة قد تغير مسار الأمة والمنطقة وزعمت أن "العالم في حداد معهم"!!

وأظهر الإعلام الأمريكي منسق السياسات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي على مقابلة مع قناة "سي إن إن" باكيا ولا يستطيع الرد على سؤال طرحه المذيع، عن "الصور التي أظهرت خطف الأطفال والفتيات، التي لم يسبق لها مثيل في المنطقة"، بينما لم يطرف له جفن وهو يشاهد أطفال غزة وهم يخرجون جثث هامدة من تحت تراب أنقاض المنازل التي قصفها الاحتلال.

حتى انتوني بلينكن ما إن وصل إسرائيل حتى قال: لم آت إلى إسرائيل كوزير خارجية للولايات المتحدة وإنما كيهودي!!

لهذا هاجمت ناشطة أمريكية الإعلام الغربي وقالت "أشعر بالاشمئزاز .. لماذا فقط يثيرون جلبة حين يموت إسرائيلي ولا يهتمون حين يموت فلسطيني؟

الناشطة هاجمت الإعلام الغربي بسبب تواطئه مع إسرائيل وإثارة ضجة عند موت إسرائيلي، في حين لا يهتمون حين يسقط آلاف من الفلسطينيين قتلي، وتساءلت: لماذا يقولون إن حماس تقتل بينما المستوطنين يقتلون الفلسطينيين وحين ترد حماس بالدفاع عنهم يقولون "إرهاب".(فيديو)

أكذوبة قطع رؤوس الأطفال!

كانت أكبر كذبة انتشرت على نطاق واسع في الإعلام الغربي، منذ بدء عملية "طوفان الأقصى" ادّعاءا أنّ عناصر المقاومة قاموا بـ "قتل وقطع رؤوس 40 طفل" في مستوطنة "كفار عزة" خلال معركة "طوفان الأقصى".

وجرى تداول تلك المزاعم على منصات كبيرة، فزعم مراسل "CNN" نيك روبرتسون أنه تم قـطــع رؤوس الإسرائيليين دون أن يذكر دليلا واحدا أو صورة أو فيديو، وحين ظهرت أنها أكذوبة انهالت انتقادات واسعة على المراسل وتم اتهامه بأنه منحاز وغير مهني ومثال للإعلام الغربي الكاذب المنحاز.(فيديو)

المفارقة أن الرئيس الأميركي جو بايدن تورط في نشر نفس الأكذوبة وصرح بأن "هناك تقارير عن أطفال رضع قُتلوا وذُبحوا لأنّهم يهود"، من دون أي تثبت أو دليل، ثم تراجع بعدما فضحته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية وقالت إنه لم ير جثث أطفال أو يشاهد صور تثبت ذلك والأمر محض تلفيق.

ونقلت الصحيفة عن متحدث باسم البيت الأبيض قوله: "لا بايدن ولا أي مسؤول رأى صوراً أو تأكد من صحة تقارير بشأن قطع إرهابيين رؤوس أطفال"، لافتاً إلى أن تصريحات بايدن بشأن الفظائع المزعومة استندت إلى تقارير إعلامية إسرائيلية.

وبدأت حملة الأكاذيب من إسرائيل وانتقلت للغرب، حين نشر موقع القناة i24  الصهيوني خبرا يزعم أن حماس ارتكبت مذبحة مروعة وقطعت رؤوس 40 رضيعا في كيبوتس "كفار عزة"، ولم تنشر الصحيفة صورة لطفل واحد تؤكد بها أكاذيبها.

ثم انتشر الخبر في كل العالم، واذيع في كل وسائل الاعلام، ولم تتمالك مذيعات غربيات أنفسهن وبكين على الهواء رغم أنه خبر كاذب!!.

وبعد الانتشار الهائل وتحقق الهدف واندفاع وسائل الاعلام الاجنبية لنشر الخبر اتضح انه لا يوجد اي دليل عليه.

وقد بث تلفزيون cbsnews الأمريكي هذه الأكاذيب حول قصص قطع رؤوس أطفال سربها له اللوبي الصهيوني لجذب التعاطف العالمي.(تقرير)

أيضا تورطت الصحفية "بيل ترو" بصحيفة الإندبندنت، والتي كانت مراسلة سابقة في مصر، وتزعم أنها تغطي الأحداث على الأرض، في نشر هذه الأكاذيب وحين عرفت أنها أكاذيب لم تملك شجاعة الاعتذار وحاولت تبرر لماذا كذبت! (مزاعم بيل ترو)

قالت: "لم أغرد عن قطع رؤوس 40 طفلاً، لقد قمت بالتغريد بأن وسائل الإعلام الأجنبية قيل لها إنه تم قطع رؤوس النساء والأطفال ولكن لم يتم عرض الجثث علينا"!!

وزعمت أنها حذفت فقط العنوان الرئيسي لقصتها الملفقة عن قتل حماس 40 طفلا بقطع رؤوسهم "بحيث لا تشرح السياق الكامل، لذا حذفتها وظل العنوان الرئيسي لقصتي عن مقتل أطفال (إسرائيليين) صغار"!!(تغريدة ترو)

أيضا زعم متحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، 11 أكتوبر 2023، أنه تم العثور على أطفال صغار ورضع في كيبوتز كفار عزة في جنوب إسرائيل، وقد "قُطعت رؤوسهم" بعد هجوم حماس في نهاية الأسبوع، حسبما ذكرت شبكة "CNN".

لكن الصحفي الإسرائيلي "أورين زيف" كذب حكومته الإرهابية وقال: لم نر أطفالاً مقطوعي الرؤوس في المناطق التي دخلتها المقاومة الفلسطينية.

قال: "تصلني أسئلة كثيرة حول التقارير التي نشرت بعد الجولة الإعلامية في القرية عن "أطفال تقطع رؤوسهم حماس"، ولم نرى خلال الجولة أي دليل على ذلك، ولا المتحدث باسم الجيش أو القادة كما لم يذكر أي حوادث من هذا القبيل".(تغريدة أورين زيف)

وبعدما شارك البيت الأبيض والرئيس الأمريكي بايدن في حملة أكاذيب الإعلام الغربي عن قطع مقاتلي حماس رؤوس أطفال إسرائيليين، تراجع البيت الأبيض، 11 أكتوبر 2023، وقال إنه لا توجد أدلة.

وكان بايدن ألقى كلمة خلال اجتماع لقادة الطائفة اليهودية، قال فيها إنه "لم يتخيل رؤية إرهابيين يقطعون رؤوس أطفال"، وأضاف: "كان هذا الهجوم حملة من القسوة الخالصة والكراهية، ضد الشعب اليهودي".(فيديو)

لكن صحيفة "واشنطن بوست"، قالت 11 أكتوبر 2023 إن متحدثاً باسم البيت الأبيض أكد "لا الرئيس بايدن ولا أي مسؤول أمريكي رأى أي صور، أو تأكد من صحة تقارير بشأن ذلك بشكل مستقل"، مضيفاً أن تصريحات بايدن بشأن الفظائع المزعومة استندت إلى مزاعم مسؤولين إسرائيليين في حكومة نتنياهو وتقارير إعلامية محلية.

وأضافت الصحيفة أن "تصريحات بايدن بشأن الفظائع المزعومة استندت إلى مزاعم متحدث باسم نتنياهو" كما استندت أيضا إلى تقارير إعلامية إسرائيلية".

أيضا قال تلفزيون NBC News إن البيت الأبيض أوضح أن ادعاء بايدن بأنه شاهد صوراً لجنود حماس يقطعون رؤوس أطفال في الحرب بين إسرائيل وحماس غير صحيح.

ونقل عن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الرائد دورون سبيلمان لشبكة إن بي سي نيوز: "هذا التقرير المحدد (قطع الرؤوس) وهذا الرقم لا أستطيع تأكيده".

موقع مستقل يكشف الرواية الكاذبة

وقد كشف تحقيقٌ أجراه موقع "غراي زون" Gray zone الاستقصائي المستقل، 11 أكتوبر 2023، أنّ مصدر شائعة الأطفال الإسرائيليين المقطوعة رؤوسهم في مستوطنة "كفار عزة" خلال معركة "طوفان الأقصى"، أطلقها زعيم استيطاني حرّض في وقتٍ سابق في مايو 2023 على محو قرية حوّارة في نابلس.

وحدد الموقع اسم الزعيم الاستيطاني الذي أطلق الشائعة وهو ديفيد بن صهيون، زعيم المجلس الإقليمي "شمرون" الذي يضمّ 35 مستوطنة في الضفة الغربية، وهو المحرّض الرئيسي ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، في وقتٍ سابق.

قال الموقع: "بعد التدقيق في تفاصيل هذه الادعاءات ومصدرها، تبين أنّ القناة "i24 الإسرائيلية"، وبالتحديد الصحافية نيكول زيديك العاملة في القناة، نقلت هذه الرواية عنه، خلال زيارتها للمستوطنة برفقة جنود الاحتلال.

وقد عرضت القناة القصة على أنّها حقيقة مثبتة ومن ثم تبناها الإعلام الغربي، من دون أن يعرض أي دليل أو صورة، بل وحاولت الإيحاء بأنّ المسألة ثابتة عبر عرض أكياس جثث لا تدل على كونها تعود لأطفال، وعرض دماء على الأرض أو على أغراض منزلية".

وفي منشور لها، قالت الصحفية نيكول زيديك، إنّ مصدر معلومتها هي جنود "الجيش" الإسرائيلي، أي أنّها لم ترَ الجثث بنفسها، مضيفةً أن هؤلاء الجنود الذين أخبروها يعتقدون أنّ 40 طفلاً قُتلوا، أي أنّهم لم يروا، بل يعتقدون.

وأكثر من ذلك، فقد أكد جيش الاحتلال الإسرائيلي لوكالة الأناضول، عدم وجود معلومات لديه تؤكد مزاعم قيام حماس بـ "قطع رؤوس أطفال".

كذلك، لفت موقع "غراي زون" إلى أن رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو لعب دوراً خطيرا بانتشار رواية قطع رؤوس الأطفال على صعيد واسع، "لجرّ رعاته الأميركيين إلى دعمه وحمايته بشكلٍ أكبر".

واضطر مكتب المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، للقول بأنه ليس لديه أي معلومات تؤكد ما نشرته الصحف الإسرائيلية وانتشر على وسائل التواصل الاجتماعي حول "قيام عناصر حماس بقطع رؤوس الأطفال".

حماس تنفي مزاعم الإعلام الغربي

ونفت حركة "حماس" الفلسطينية ادعاءات وسائل إعلام غربية، تتهمها بـ "قتل أطفال وقطع رؤوسهم واستهداف مدنيين" في إسرائيل.

وقالت الحركة، في بيان نشرته عبر موقعها الإلكترون: "نؤكّد بشكلٍ قاطع كذب الادعاءات الملفقة التي تروّج لها بعض وسائل الإعلام الغربية، والتي تتبنى بشكلٍ غير مهني الرواية الصهيونية المليئة بالأكاذيب والافتراءات على شعبنا الفلسطيني ومقاومته، والتي كان آخرها الادعاء بقتل أطفال وقطع رؤوسهم واستهداف مدنيين".

واعتبرت حركة المقاومة "التبني والانحياز للرواية الصهيونية دون تحقّق، ما هو إلا سقوط إعلامي في محاولة للتستر على جرائم الاحتلال ومجازره التي يرتكبها ليل نهار في غزة، والتي ترقى إلى جرائم حرب وإبادة جماعية، باستهدافه المدنيين وقطع الكهرباء والماء والمواد الغذائية والطبية عنهم".

واعتبرت حماس 12 أكتوبر 2023، أن تراجع صحف عالمية عن مزاعم قتل المقاومة لأطفال "يؤكد زيف الرواية الإسرائيلية وكذبها".

ودعت الحركة في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني الرسمي، وسائل الإعلام الغربية "إلى التحقق من المعلومات والمواد الزائفة التي تصلها من الاحتلال الإسرائيلي"

كما شددت حركة حماس على "احترام مقاتلي المقاومة الفلسطينية قوانين الحرب والقانون الإنساني، وحرصها على تجنب استهداف المدنيين والأطفال والنساء"

إسرائيلية تروي كيف تعامل معها مقاتلو حماس

في بداية المعركة، وجّه القائد العام لكتائب القسام، محمد الضيف، المقاتلين بعدم إلحاق الأذى بالمسنين أو الأطفال والنساء، وهو ما تؤكده الشهادات المتتالية التي ينشرها إعلام الاحتلال للمستوطنين في "غلاف غزة"، على التزام المقاومين به.

كما ظهر في تقرير للقناة "12" العبرية عبارة كتبها مقاتلو القسام في مستوطنة اقتحموها، تقول: "القسام لا يقتل الأطفال".

ونشرت القناة فيديو لسيدة إسرائيلية تروي كيف دخل جنود القسام منزلها وتركوها مع أبنائها وقالوا لها: إننا مسلمين وينهانا ديننا عن إيذاء النساء والأطفال.

قالت: قالوا لي لا تقلقي، نحن مسلمون، لا نؤذي النساء والأطفال .. لا تخافي لن يمسّك أحد".(فيديو)

وفي مقطع آخر، ظهر أحد مقاتلي القسام وهو يتحدث عن التعامل بأخلاق مع المدنيين الإسرائيليين، كانت إلى جانبه فتاة إسرائيلية وسيدة عجوز تستلقي على سريرها.

وتأتي هذه الشهادات في ظل القصف الوحشي الذي نفذه طيران الاحتلال على غزة بأكملها، طوال الأيام الماضية، وأدى إلى استشهاد مئات المدنيين، بينهم أطفال ونساء.

وللرد على أكاذيب الغرب أظهر فيديو كشفت عنهاكتائب القسام، 11 أكتوبر 2023، إطلاق سراح مستوطنة وطفليها كانوا ضمن من أسرتهم الحركة خلال هجومها المفاجئ والواسع على المستوطنات والقواعد العسكرية في محيط قطاع غزة فجر السبت. (فيديو)

وأظهر المقطع المرأة الإسرائيلية وهي تجتاز مع طفليها السياج الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل، يرافقهم مسلحون من القسام.

وترك رجال المقاومة من كتائب القسام المرأة الإسرائيلية تدخل إلى السياج قبل أن يعودوا باتجاه غزة، بحسب المقطع القصير.

وقالت المرأة التي أطلق سراحها مع طفليها لوسائل إعلام صهيونية: قدم "المخربون" ملابس لي لأستر نفسي، وفي طريق عودتي من حيث تم اعتقالي كان مقاتل من القسام يحمل أحد أطفالي على كتفه وأنا أحمل الطفل الآخر من باب مساعدتي".(فيديو)

الأزهر يفضح "أكاذيب الغرب"

رد الأزهر علي هذه التغطيات الإعلامية الغربية بوصفها "متعصبة ومتحيزة ضد فلسطين وأهلها، وهي أكاذيبُ تفضح دعاوى الحريات التي يدعي الغرب حمايتها".

وطالب الأزهر الشريف، الحكومات العربية والإسلامية بـ "اتخاذ موقف موحد في وجه الالتفاف الغربي اللاإنساني الداعم للكيان الصهيوني"، بحسب بيان صادر عنه الأربعاء 11 أكتوبر 2023.

وأشار إلى "أن استهداف المدنيين من النساء والأطفال والشيوخ العزل، وقصف المستشفيات والأسواق وسيارات الإسعاف والمساجد والمدارس التي يؤوي إليها المدنيون، والحصار الخانق لقطاع غزة بهذا الشكل اللاإنساني، كل ذلك هو إبادة جماعية، وجرائم حرب مكتملة الأركان"

كما أوضح البيان أن "الدعم الغربي اللامحدود واللاإنساني للكيان الصهيوني يندرج في إطار تزييف الحقائق والكيل بمكيالين وتضليل الرأي العام العالمي"(البيان)

ودعا الأزهر الدول العربية والإسلامية، بأن تستشعرَ واجبها ومسئولياتها الدينية والتَّاريخية، وتسارع إلى تقديم المساعدات الإنسانيَّة والإغاثية على وجه السرعةِ، وضمان عبورها إلى الشعبِ الفلسطينيِّ في قطاع غزة.

ويبيِّنُ الأزهر أن دعم الفلسطينيين المدنيين الأبرياء من خلال القنوات الرسميَّة هو واجبٌ دينيٌّ وشرعيٌّ، والتزامٌ أخلاقيٌّ وإنسانيٌّ، وأن التاريخ لن يرحم المتقاعسين المتخاذلين عن هذا الواجب.

وأشاد الأزهر الشريف في بيان له السبت 7 أكتوبر 2023 بصمود الشعب الفلسطيني، ودعا المجتمع الدولي للكف عن ازدواجية المعايير، وذلك تعقيباً على عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها المقاومة في قطاع غزة رداً على انتهاكات الاحتلال في القدس والمسجد الأقصى.

كيف أسست الأكاذيب لقرارات خطيرة؟

لم يكتف ساسة الغرب بتصديق الرواية الصهيونية وترويجها، بل بنوا عليها قرارات عسكرية وسياسية في منتهى الخطورة، منها تحريك حاملة الطائرات الأمريكية "جيرالد فورد"، الثلاثاء 10 أكتوبر 2023، إلى شرق البحر المتوسط، وإعلان أكبر عملية دعم تسليحي ولوجستي للكيان الصهيوني، والبدء بحملة دبلوماسية واسعة لدعم كيان الاحتلال وإدانة حماس.

وخلال الأيام الأخيرة، قام وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بجولة مكوكية بين الكيان الصهيوني والدول العربية، ولم يخف الرجل أنه أتى بصفته يهوديا قبل كونه وزيرا للخارجية، كما مارس ضغوطا هائلة على الساسة العرب لإدانة حماس وتحميلها وحدها مسئولية ما يحدث في غزة.

كما انتهزها الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن فرصة لإعطاء ضوء أخضر للاحتلال ليبيد غزة ويهجر أهلها عبر "ممر آمن" إلى مصر، في محاولة لإتمام صفقة القرن وإنهاء القضية الفلسطينية.  

عموما، لم يكن مستغربا الانحياز  الغربي الفج للكيان الصهيونى المحتل، فهذه الدول التي تدعي كذبا احترامها لحقوق الإنسان والقوانين الدولية، ما زالت تعامل العرب والمسلمين بنفس الروح الصليبية الحاقدة.

ظهر هذا في كلام السيناتور الجمهوري البارز ليندسي غراهام، الذي قال: "إن الحرب في غزة دينية"، كما لم يستنكر أحد في الغرب ما قاله وزير الحرب الصهيوني بأنهم يتعاملون مع "حيوانات بشرية" رغم تناقض هذا مع دفاعهم عن حقوق الإنسان.

وهذاما قاله لهم، العام الماضي، المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، مايكل لينك، بعد أشهر من معركة سيف القدس: "يوجد اليوم في الأرض الفلسطينية، التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، نظام قانوني وسياسي مزدوج، مفرط في التمييز، يمنح الامتيازات لـ 700 ألف مستوطن إسرائيلي يهودي، يعيشون في 300 مستوطنة إسرائيلية غير قانونية في القدس الشرقية والضفة الغربية."

أضاف الخبير الأممي: "في نفس المساحة الجغرافية، يعيش أكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني- ولكنهم مفصولون بجدران ونقاط تفتيش وشوارع ووجود عسكري مترسخ- في ظل حكم قمعي من التمييز المؤسسي، وبدون أي سبيل إلى (إقامة) دولة فلسطينية حقيقية، كان العالم قد وعد، منذ فترة طويلة، بأنها من حقهم".