ما زالت "كابوسا" للعسكر| هكذا شوّه السيسي وإعلامه ثورة يناير في ذكراها الـ13

الاثنين - 29 يناير 2024

إنسان للدراسات الإعلامية – وحدة الرصد:

غابت ثورة يناير 2011 هذا العام، إلا من ذكرها عرضاً في احتفال عيد الشرطة الـ72 ، حيث عرّج عليها "السيسي" بشكل سريع، وجعلها سببا للعديد من مشاكل مصر الحالية!.

مازالت الثورة تمثل "كابوسا" للعسكر ولرموز الدولة العميقة، فالنظام الحالي يقمع - بكل ما أوتي من قوة- أي شرارة للتغيير ، وينهب البلاد ويبيعها أمام مرأى الجميع، و أوضاع الشعب تذهب من سيء إلى أسوأ.

بعد ١٣ عاما من ثورة الحرية، وبعد ١٠ أعوام من حكم الانقلاب، انهارت الأوضاع المعيشية بشكل واضح، فوفقاً للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في يناير ٢٠١١ كان الحد الأدنى للأجور ٤٤٤ جنية مصري أي ما يعادل ٧٥ دولار واليوم في يناير ٢٠٢٤ أصبح الحد الأدنى ٤٠٠٠ جنية لكنه مع انهيار الجنية يعادل ٦٤ دولار ا بسعر السوق السوداء!

و وصل معدل التضخم ٣٣.٩٪ لعام ٢٠٢٣ مقابل ١١.٨٪ لعام ٢٠١١، ووصلت الديون الخارجية ١٦٦ مليار دولار في ديسمبر ٢٠٢٣ مقابل ٣٥ مليار دولار في ديسمبر ٢٠١٠.

ولم تتحقق مطالب العدالة التي دعت لها ثورة يناير،  فبحسب مؤسسة "حقهم" لحقوق الانسان، يقتل سجين كل ٣ أيام في إحدى زنازين مصر، حيث سقط خلال ١٠ سنوات ١١٨٤ ضحية داخل السجون ومقار الاحتجاز وحدها، بخلاف مئات المختفين قسريا والذين لا يعلم أحد مصيرهم، إضافة لمئات آخرين قتلوا خارج نطاق القانون!

السيسي يحمّل ثورة يناير كل خطاياه

العجيب أنه رغم كل ذلك، يلصق السيسي بالثورة أسباب التدهور الاقتصادي الحاصل الآن وأنها سبب خراب مصر، ويشحن جمهوره المتضائل يوما بعد يوم ضدها، في حين كان الرئيس الشهيد محمد مرسي على النقيض تماماً، يتحدث عن مكتسبات الثورة ويعد بحمايتها.

تدرج خطاب السيسي من تجاهل ذكر الثورة الى درجة من الوضوح في عام 2019، حبث قال صراحة : "انا هقولكم على غلطة واحدة، أو تمن واحد دفعناه وهندفعه.. ٢٠١١"

وفي عام 2021 قال السيسي: "أحداث 2011 كانت إعلان شهادة وفاة الدولة المصرية، العناية الإلهية هي التي أنقذت مصر من الخراب والدمار من أجل 100 مليون مواطن"

وفي هذا العام، قال السيسي: "مصر فقدت 450 مليار دولار في أحداث 2011 و2012 و2013، إثارة الرأي العام كان هدفه القيام بدور سلبي يحفز ويدفع ويسيء للأجهزة والدولة حتى يقوم الرأي العام بما قام به في عام 2011".

هكذا يحارب إعلام السيسي ثورة يناير

كعادته، دأب إعلام النظام على تشويه ثورة ٢٥ يناير منذ انقلاب 2013، لكن هذا العام (2024) تغيرت التعليمات،  فتم  الحديث في نطاق ضيق على أنها "مؤامرة" و "فرصة من المخربين للإطاحة بمصر وشعبها"، كما زعم أحدهم.

وفي رصدنا لما قاله أبواق النظام في الإعلام كانت حملتهم ضد الثورة كالتالي:

خصص أحمد موسى، مقدم برنامج على مسئوليتي، المذاع عبر قناة صدى البلد، مساء أمس الأحد، فقرة للحديث عما أسماه أحداث يوم ٢٨ يناير ٢٠١١. وقال: "إن بعض الأشخاص تم تدريبهم في الخارج لتخريب مصر يوم ٢٨ يناير ٢٠١١"، مضيفا أن "هذا اليوم البلد ولعت وجماعة الإخوان الإرهابية اضرمت النار في كل مصر".

وادعى أن جماعة الإخوان، التي وصفها بـ"الإرهابية" اقتحمت السجون وحرقت مؤسسات الدولة في ٢٨ يناير ٢٠١١، وأن الإخوان وجهت دعوات لنشر الفوضى في ٢٨ يناير ٢٠١١، وزاد فقال إن "الإخوان قتلت المصريين في الشوارع، والإخوان واعوانها استفادت من نشر الفوضى والتخريب"!. (صدى البلد: أحمد موسى: الإخوان الإرهابية اقتحمت السجون وحرقت مؤسسات الدولة في 28 يناير 2011)، (أحمد موسى: بعض المواطنين ندموا على النزول للتظاهر في 2011)

إبراهيم عيسى زعم، في برنامجه "حديث القاهرة"، المُذاع عبر شاشة "القاهرة والناس"،  أن الشعب المصري قام بثورة في يناير 2011 ولم تكتمل، حيث فقدت البوصلة، مشددًا على أن "هذه الثورة لم تنجح لأن العصابة سرقتها من الشعب"، حسب قوله، متابعًا: "ثورة 30 يونيو 2013 مكملة لثورة 25 يناير 2011 وتصحيحًا لها". (الشروق: إبراهيم عيسى: ثورة 30 يونيو تصحيح لـ 25 يناير)، (صدى البلد: إبراهيم عيسى : مبارك لم يصدر قرارا بإطلاق الرصاص على المتظاهرين في2011 ..فيديو)

مصطفى بكري، ادعى من جانبه في برنامجه "حقائق وأسرار"، المذاع عبر قناة “صدى البلد”، أنه "في 28 يناير 2011، خرجت جماعة الاخوان الإرهابية، بدعم ومخطط خارجي؛ للسيطرة على مقاليد الحكم في الدولة المصرية، وخطفت المشهد، ودفعت الجميع إلى نفق مظلم، ولكن جيش مصر العظيم كان للجماعة والفوضى بالمرصاد، وجنب الدولة وشعبها دفع ثمن كبير، كما دفعته الدول المجاورة".(صدى البلد: المؤامرة كانت كبيرة والشعب بريء.. «بكري» يكشف حقائق عن ثورة 25 يناير)، (مصطفى بكري: الجيش جنَّب الدولة نفقا مظلما إبان 2011)

كما زعم سيد علي في برنامج "حضرة المواطن" أن "ثورة 25 يناير لم تكن ثورة، بل انتفاضة مضرة"، وادعى وجود "خسائر اقتصادية بلغت 450 مليار دولار".

كرم جبر ، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، أدلى بدلوه في الحملة، فقال: "فاتورة مصر من الخسائر بسبب أحداث 25 يناير وصلت إلى 400 مليار دولار"، مضيفًا أنه "لو لم تحدث تلك الخسائر لكان الاقتصاد المصري أفضل كثيرًا."

واستمراراً لحملة تشويه الثورة نشرت "اليوم السابع" كلاما لررئيس مجلس الشيوخ، زعم فيه أن "الجماعة الإرهابية حاولت خطف الوطن وتهديد أمنه واستقراره، فجاءت ثورة الثلاثين من يونيو ٢٠١٣ لتصحح المسار، وتستكمل الطريق للوصول إلى دولة عصرية، تقوم على أسس وطنية راسخة". (عبد الوهاب عبدالرازق: في 2011 كان للشباب مطالب مشروعة.. الجماعة الإرهابية حاولت خطف الوطن.. و30 يونيو صححت المسار).

وبدوره، نشر موقع "فيتو" العناوين التالية: ( ثورة 25 يناير، كريمة الحفناوى: الإخوان حاولوا خطف الثورة وأقصوا الجميع)، (فؤاد بدراوى: 30 يونيو كانت الإصلاح الحقيقي لـ25 يناير)، (ثورة 25 يناير، رئيس حزب التجمع: الإخوان تلقوا تمويلا خارجيا للسيطرة على السلطة)، (بهاء شعبان: الإخوان عنصر أساسى فى محدودية تأثير 25 يناير).

ومشاركا في الحملة، نشر موقع "الدستور" العناوين التالية: (سامح عاشور: الجماعة الإرهابية كان لها مخططها الخاص خلال 25 يناير).

ونشر موقع مصراوي: بكري: الإخوان استولت على مظاهرات 25 يناير وحولتها إلى عنف)، _مصطفى بكري: 25 يناير مؤامرة للنيل من الشرطة المصرية)، (إبراهيم عيسى: استعادة لحظات ثورة 25 يناير تجعلنا أكثر حرصا لعدم تكرار الأخطاء).

السيسي يزعم: مصر فقدت 450 مليار دولار

لم يكن خطاب إعلام الانقلاب بعيداً عن خطاب كبيرهم الذي علمهم، فخلال الاحتفال بعيد الشرطة ٧٢، الذي أقيم في أكاديمية الشرطة، يوم الأربعاء، عدّد السيسي مشاكل الدولة، وألصقها بثورة ٢٥ يناير، وقال: "اللي حصل للشرطة مش بس عملية اقتحام السجون والناس اللي هربت، لأ، إحنا قعدنا أكتر من سنتين أو ثلاثة نرمم تلك العلاقة بين الشعب والدولة وبين وزارة الداخلية، وده مكانش أمر يسير ولا سهل، ده محتاج برامج ودعم وصبر".

أضاف:"إثارة الرأي العام كان هدفه القيام بدور سلبي يحفز ويدفع ويسيء للأجهزة والدولة حتى يقوم الرأي العام بما قام به في عام 2011".

وزعم أن "مصر فقدت 450 مليار دولار في أحداث 2011 و2012 و2013. انتوا عارفين يعني إيه نخسر أكتر من 450 مليار دولار في أحداث 2011، وعارفين يعني إيه نواجه الإرهاب ونتكلم في أكتر من 120 مليار جنيه، إحنا دولة مش غنية ولا حاجة، مواردنا لا تتحمل صدمات بالطريقة دي لأن معندناش موارد تكفي أن تهدر بالطريقة دي" (مصراوي: 25 رسالة مهمة من السيسي عن الاقتصاد وغزة وثورة يناير)، (الوطن: السيسي: اقتحام السجون في 25 يناير كان محاولة لتأليب الرأي العام على الدولة).

وفي خطابه، أقر السيسي بسوء الأوضاع عما كانت عليه وأن المواطن المصري يتحمل ما لم يكن يتحمله مسبقاً، وقد أرجع ذلك إلى "تطور صلابة المصري"، فقال، بحسب "المصري اليوم": السيسي: صلابة المصري تطورت وتحمّل ظروفًا لم يكن يتحملها قبل 30 عامًا.

كما أكد السيسي مراراً أن "موارد مصر محدودة وعدد المصريين في ازدياد منذ ٢٠١١ والموارد لا تكفي ولكن لو تحملنا سنعيش"(المصري اليوم: السيسي: المصريون زاد عددهم 26 مليون منذ 2011 وحتى الآن).

هكذا خاطب السيسي المصريين، الذين يعانون معاناة غير مسبوقة، مع ارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات.

المواقع المستقلة تتناول ذكرى يناير

تناولت الصحافة المستقلة ذكرى ثورة يناير بتذكر مطالبها التي لم تتحقق، حتى بعد مرور ١٣ عاما من اندلاعها، وذلك بسبب وجود نفس النظام الظالم المستبد لكن بوجه جديد، فكانت عناوين المواقع الإخبارية المستقلة كالتالي:

بأيّ حالٍ تعود يا 25 يناير؟

هكذا، بين إعلام انقلابي متحامل على الثورة، وإعلام مستقل ومعارض يستذكر مطالبها، بقي المصريون يئنون تحت وطأة حكم عسكري ديكتاتوري بغيض، لا يسمح لهم بمجرد فتح أفواههم للتعبير عن رأيهم.. وما زالت الثورة تمثل حلما لهم.