دعاية نازية|هكذا فضح متخصصون غربيون انحياز إعلامهم للعدوان على غزة

السبت - 4 نوفمبر 2023

إنسان للإعلام- خاص:

رغم الانحياز الإعلامي الغربي الأعمى للعدوان والمجازر الصهيونية في غزة، فقد تصدي إعلاميون وأستاذة كليات إعلامية وسياسية في أمريكا وأوروبا لإعلام بلادهم المنحاز وتبرؤوا منه، وتناولت أصوات إعلامية أجنبية القضية الفلسطينية بطريقة مهنية أو داعمة، ودحضت الرواية الإسرائيلية حول تبرير الهجوم.

روبن أندرسن، أستاذة دراسات الإعلام بجامعة "فوردهام" الأمريكية، كانت أحد هذه الاصوات التي فضحت الإعلام الغربي، حيث اتهمت أندرسن وسائل الإعلام الغربية بالمساهمة فيما تنفذه "إسرائيل" في غزة عبر تقديم المبررات والترويج للدعايات المضللة.

وقالت، في لقاء مع قناة "الجزيرة مباشر"، إن وسائل الإعلام الغربية "روجت لدعاية مضللة ضد حركة حماس، ولم تحاول منع “الإبادة الجماعية التي تجري، بل على النقيض كانت التغطية واللغة المستخدمة مضللة للغاية".

أشارت إلى أنه منذ بداية تغطية التطورات في غزة، تم بث مشاهد بكاء الأطفال والنساء الإسرائيليات مرارا وتكرارا، وهي طريقة مثيرة للغاية لوصف الأحداث، خاصة حين يجري انتزاعها من السياق التاريخي الذي يجري فيه الصراع. (فيديو)

وشبهت روبن دعاية الإعلام الأمريكي ضد حماس بأنها تشبه الدعاية ضد النازية خلال الحرب العالمية الثانية، موضحة أن تقديم الصورة على هذا النحو كان بداية التحضير لتبرير العنف الهائل في غزة.

وأشارت إلى الدعاية المضللة بالترويج لقصص مخيفة عن قيام حماس بقطع رقاب 40 طفلا إسرائيليا، التي كررتها وسائل إعلام أمريكية وبريطانية شهيرة، مثل فوكس نيوز  و سي إن إن و تايمز أوف لندن و فاينانشيال تايمز، والتي اتضح أن مصدر هذه القصة هو جندي إسرائيلي يدعى ديفيد بن زيون، وهو مستوطن متعصب يحرض على الفلسطينيين ويصفهم بـالحيوانات التي يجب التخلص منها.

قوائم صهيونية لمن يقولون الحقيقة

وكشفت روبن أندرسن عن وجود قوائم سوداء سرية بأسماء باحثين ينتقدون إسرائيل؛ بهدف عقابهم. وذكرت أن مجموعة تأسست عام 2014 باسم "مهمة الكناري" كانت مهمتها تتبع أي من الأساتذة والطلاب الجامعيين المتعاطفين مع فلسطين فيتعرضون للهجوم والانتقاد، وتنظم حملات لكتابة خطابات ضدهم بهدف طردهم، وحرمانهم من التوظيف في مؤسسات خاصة.

وأشارت إلى أن فصل مذيعة الأخبار الأمريكية كاتي هلبيرين من عملها في قناة هيل في واشنطن، بعد أن نقلت عن منظمات حقوقية وصف الاحتلال بأنه نظام فصل عنصري.

وكذلك منعت شبكة إم إس إن بي سي ثلاثة مذيعين مسلمين لديها من تقديم الأخبار، وحتى حينما حاولت الشبكة تقديم خلفية تاريخية للصراع، اتهمتها شبكة "فوكس نيوز" بأنها معادية لإسرائيل.

كما أشارت روبن إلى فصل صحيفة نيويورك تايمز مراسلا كان يعمل لديها من غزة حين استهدفته جماعة ضغط إسرائيلية، في حين يعمل لدى الصحيفة ثلاثة محللين يعيشون في "إسرائيل"، بينهم ديفيد بروكس الذي التحق أولاده بالجيش الإسرائيلي، واستمر في عمله مع الصحيفة، ورفض رئيس تحريرها فكرة وجود تعارض للمصالح بين وظيفته وارتباطات أسرته.

وفيما يتعلق بآفاق حرية التعبير في الغرب، قالت روبن إن أجهزة الأمن تقوم بمتابعة ومراقبة ما ينشر على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، موضحة أن وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون أنفقت 500 مليون دولار على الأمن السيبراني ودخلت في شراكة مع غوغل لتطوير قدراتها في مجال المعلومات.

مذيعون ضد فظائع الاحتلال

مقابل حالة الانحياز الأعمى للاحتلال وروايته التي تبرر مجازر غزة، أظهر عدد من الإعلاميين الأجانب المحاورين في برامجهم تعاطفا أكبر مع الفلسطينيين وانتقدوا ضيوفهم بسبب أكاذيبهم لتبرير جرائم الاحتلال.

ولم يتردد هؤلاء في مواجهة ضيوفهم الإسرائيليين بحقيقة أن جيش الاحتلال ينتهج سياسة الأرض المحروقة في غزة ردا على عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها حركة المقاومة الإسلامية حماس.

على سبيل المثال، وخلال مقابلة تلفزيونية، في 12 أكتوبر 2023 على قناة "سكاي نيوز" البريطانية، سأل المذيع كمالي ميلبورن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق نفتالي بينيت عن مصير الأطفال الفلسطينيين المولودين الذين سيتم إيقاف أجهزة دعم الحياة عنهم في الحاضنات بسبب قطع إمدادات الكهرباء عن قطاع غزة، فاستشاط بينيت غاضبا بالقول: "هل أنت جدي؟ تستمر في سؤالي عن المدنيين الفلسطينيين، بينما نحن نقاتل النازيين"!!(فيديو)

وأوضح المذيع البريطاني ميلبورن أن هناك فرقا بين حركة حماس والفلسطينيين، وتوجه إلى بينيت بسؤاله عن "المسؤولية التي يتحملها الجيش الإسرائيلي للتأكد من عدم قتل عائلات بريئة من الفلسطينيين في غزة، فادعى بينيت أن الجيش الإسرائيلي لا يستهدف المدنيين"، قائلا للمذيع: "إذا كنت تريد أن توفر لهم الكهرباء فلا بأس لكنني لن أزود عدوي بالكهرباء أو الماء إذا أراد أي شخص آخر، فلا بأس نحن لسنا مسؤولين عنهم".

وعندما واجه المذيع بينيت بحقيقة أن جيش الاحتلال ينتهج سياسة الأرض المحروقة في غزة، رد الأخير بالقول: "عار عليكم، الآن تدعون الفضيلة"، لكن المذيع أكد أن الأمر "لا يتعلق بالعار بل بإجراء محادثة حول موقف خطير للغاية، وأنت ترفض معالجته".

وعندما اتهم بينيت المذيع بمحاولة نسج رواية متعاطفة مع الفلسطينيين، أحرجه الأخير قائلا: "أنا أطرح عليك الأسئلة وهذه مهمتي، هل ستجاوب أم ستستمر في الصراخ"، فرد عليه بينيت: "نعم، لكن هذا بلدي".

وأحرج هذا الحوار أول رئيس وزراء عام 2021 في تاريخ إسرائيل جاء من خلفية اليمين الديني المتشدد، وشغل سابقا 5 حقائب وزارية بينها وزارة الجيش، وانتشرت المقابلة بشكل واسع على مواقع التواصل، ورأى فيها ناشطون أن موقف بينيت يجسد جليا عنصرية إسرائيل.

مذيعة هندية تؤدب صهيوني

وفي موقف آخر، هاجمت المذيعة الهندية شريا دونديال، في 22 أكتوبر 2023، أحد ضيوفها على Mirror Now وهي قناة إخبارية هندية باللغة الإنجليزية.

واستضافت القناة "فريدريك لاندوا"، وهو أحد أفراد القوات الخاصة للاستخبارات الإسرائيلية، وخلال اللقاء هاجمته المذيعة بعدما اتهمها بالتحيز لصالح فلسطين.

وأوضح لاندوا للمذيعة أنه تعمد ارتداء لوني الأزرق والأبيض في المقابلة التي يتكون منها العلم الإسرائيلي، لأنها ترتدي الألوان التي يتكون منها العلم الفلسطيني، أي الأحمر والأخضر والأسود.

وقال لانداو: "رغم ارتدائك لهذه الألوان، سيظل الأزرق والأبيض متفوقين دائما"، حسب زعمه، غير أن المذيعة دونديال ردت على لانداو، قائلة إنه يجب عدم تقسيم الألوان على أساس الدين، مشيرة إلى أن "الثوب الذي ترتديه هو "ساري هندي يعود لجدتها المتوفاة التي لم تكن تعرف شيئا عن الصراع بين إسرائيل وحماس".

وأضافت دونديال أن الساري لا يعبر بأي شكل من الأشكال عن دعم لأي طرف، مؤكدة أن "الصراع يحدث في غزة، وأنّ استشهاد 500 شخص في قصف المستشفى المعمداني هو ببساطة جريمة"

رد لانداو ناصحا إياها بارتدائه في مناسبات أخرى، فهاجمته دونديال بأنها لن تسمح له باختيار ملابسها ولا اختيار ما ستقول، مشددة على أنها ستقول ما عليها قوله وأنها ستتحدث بالحقيقة كما تراها.(فيديو)

قمع من يتحدثون عن الإنسانية

في مقال له بتاريخ 25 أكتوبر 2023، يقول الصحفي "باتريك جاثارا":"تم قمع الآراء التي تقول بأنسنة الفلسطينيين أو التي تنحرف عن الخط الرسمي للدعم غير المشروط لإسرائيل".

يضيف: "كانت هناك حملات قمع للاحتجاجات والتعبير عن التضامن مع الفلسطينيين، وتهديدات باعتقال الأشخاص بسبب رفعهم العلم الفلسطيني، ومحاولات شركات التكنولوجيا الكبرى لإزالة المحتوى المؤيد للفلسطينيين أو حظره".

وقد أشار تقرير صادر عن برنامج "ليسينغ بوست" التابع لقناة الجزيرة، نشر في 22 أكتوبر 2023"، إلى أن "المحررين في غرف الأخبار الأميركية كانوا يثبطون أي محاولات لتوفير سياق خلفي لهجمات حماس لأن ذلك سيكون غير مستساغ للجماهير"

كما عكست تقارير وسائل الإعلام الغربية أخيرا النظرة أحادية الجانب، من ناحية التركيز على الإدانة لما وقع بحق الإسرائيليين، بينما يجري تصوير المأساة الفلسطينية بلغة سلبية ومتماهية مع الرواية الإسرائيلية، بمعنى أن التغطية تكون مليئة بالمعايير المزدوجة، وخاصة أنه يُطلب من العديد من الفلسطينيين الذين أجريت معهم مقابلات على شاشات التلفزيون الأميركي أو البريطاني إدانة حماس كبطاقة دخول إلى المقابلة، في حين لا يُطلب من الإسرائيليين محاسبة جرائم حكومتهم.

وقد رد رئيس البعثة الفلسطينية إلى المملكة المتحدة حسام زملط، على مذيع قناة "بي بي سي" في مقابلة معه، بتاريخ 10 أكتوبر 2023، عندما طُلب منه إدانة حماس بالقول: "كم مرة ارتكبت إسرائيل جرائم حرب أمام كاميراتكم؟ هل تبدأ بمطالبتهم بإدانة أنفسهم؟ لم تكن تفعل ذلك"

وقال السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة في نيويورك، رياض منصور، بتاريخ 8 أكتوبر 2033: "التاريخ بالنسبة لبعض وسائل الإعلام والسياسيين يبدأ عندما يُقتل إسرائيليون".

فضائح مهنية واحتجاجات شعبية

ومارس الاعلام الغربي فضائح مهنية، فبخلاف محاولة تحريض اسرائيل على قصف مستشفيات بدعاوى أن أسفلها تقع مراكز سيطرة كتائب القسام، سعت محطات مثل التلفزيون الالماني لمحاولة تبرير تفوق مقاتلي النخبة في حماس علي جيش الاحتلال بادعاء أن مجموعات فاغنر الروسية دربت مقاتلي حماس"، وهذا يهدم سردية "الاعلام الغربي" ومهنيته والحقوق والحريات، وكل ما تم ترويجه عبر سنين طويلة من خلال هذه الدعاية الغربية، إذ كيف يدرب مقاتلو فاغنر، حديثي العهد والنشأة، نخبة حماس التي نشأت قبل ولادة فاغنر بعدة عقود؟!

أما على المستوي الشعبي، فقد خرجت عشرات المظاهرات في أمريكا والغرب تنتقد وتسخر من وسائل الاعلام الداعمة لمجازر غزة، وسعي بعضها لاحتلال الكونجرس أو محطات فضائية منحازة للاحتلال تعبيرا عن احتجاجهم علي نهجها المنحاز، حيث تظاهر بريطانيون أمام محطة بي بي سي بسبب أكاذيبها، وافترش آخرون محطة برمنغهام رافعين أعلام فلسطين تنديدًا بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. (فيديو)