في ظل تصاعد الاقتصادية بمصر ، والارتفاع الهستيري في الأسعار ، والمخطط التدميري الذي ينفذه السيسي ونظامه لإفساد مصر وتبديد ثرواتها ، يتوقع الكثير من المراقبين ان تشهد مصر قريبا ثورة جياع ، وانفجار شعبي غير مسبوق ، بعدما أصبحت معظم الأسر المصرية ، عاجزة عن توفير الضروريات الحياتية.
ولعل ما شهدته مصر من مشاهد مأسوية ، بمحافظة دمياط ، خير دليل على ما وصل له حال المصريين ، حيث شهدت معارض "أهلا رمضان" ، التي تقدم المواد الغذائية الأساسية في هذه المحافظة ، بأسعار مخفضة، تدافعا واسعا، في نهاية الأسبوع الماضي ، فيما سرقت محتويات أحد المعارض ، بعد هجوم من المواطنين ، واشتباكهم مع الامن ، وقامت الشرطة بالقبض على بعضهم بتهمة السرقة والسطو .
كما شهدت معارض "أهلا رمضان" في باقي المحافظات، تدافعا وزحاما شديدا، ما حذا ببعضها لإغلاق أبوابه، كما حدث في منطقة شبين الكوم، مما أدى لاشتعال مواقع التواصل الاجتماعي بمقاطع فيديو تنقل التدافع والتناحر بين المواطنين للحصول على السلع المخفضة ، وأكد جمهور هذه "المواقع" بأن هذا مؤشر خطير، على اقتراب الانفجار الشعبي .
ما يحدث بمصر الأن ما هو إلا نتاج طبيعي ، لسياسات جعلت مصر تحتل المركز الخامس من بين أسوأ 20 دولة على مستوى العالم من حيث ارتفاع معدلات التضخم الحقيقي ، بعد زيمبابوي وفنزويلا ولبنان وسوريا، وقد ارتفع معدل التضخم الحقيقي في مصر خلال الأسبوع الثالث من فبراير الجاري إلى 107 بالمئة بحسب مؤشر “Hanke’s inflation” لقياس التضخم الذي أسسه الاقتصادي الأمريكي، أستاذ الاقتصاد بجامعة جونز هوبكنز، ستيف هانكي ، لكن نجد حكومة الانقلاب بمصر كالمعتاد لا تعترف بهذه المؤشرات ، وتعلن عن مستويات أقل من التضخم وقدرتها مؤخرا بنحو 26% فقط ، رغم أن هذا الرقم المعلن من قبل حكومة السيسي الأعلى منذ 5 اعوام مضت ، وهو ما يعني أن معدل التضخم الحقيقي بمقياس هانكي، أعلى من 4 أضعاف معدل التضخم الذي تعلنه الحكومة الانقلابية .
والكل في مصر "المخروسة" اصبح يعيش معركة يومية مع الأسعار ، ففي الوقت الذي تتزايد فيه أسعار السلع ، نجد يقابلها جيوب المصريين الفارغة ، وأصبحت اللحوم من المحرمات في البيوت المصرية ، وأرجل الفراخ من الضيوف العزاز عليها ، حيث أرتفعت أسعار الدواجن بشكل غير مسبوق خلال الفترة الأخيرة، ليقارب سعر الكيلو الواحد من دواجن التسمين "البيضاء" الـ95 جنيهًا، وكذلك تجاوز سعر كيلو البانيه الـ200 جنيه، إثر زيادة تكلفة العلف المستورد.
وفي ظل عجز الأسر عن توفير متطلباتها الحياتية ، أصبحت تتنازل عن كثير من الاحتياجات ، وهناك الآلاف من الأسر المصرية، بحسب ما خلصت إليه دراسة صادرة عن المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، في ديسمبر 2022الماضي، واجهت زيادات أسعار الطعام الأخيرة بتعديل نظامها الغذائي، إذ ارتفع الاستهلاك المنزلي من البطاطس وأنواع المكرونة بنسب تتراوح بين 14% و21% لدى الأسر التي تابعتها الدراسة، بينما انخفض استهلاك 85% من الأسر للحوم، و75% للدجاج والبيض.
هذه الصورة القاتمة المخيمة على بيوت المصريين ، كانت سببا في اشتعال الخلافات الأسرية ، التى وصلت لدرجة تخلص عشرات المصريين من حياتهم بسبب العجز عن توفير ضروريات الحياة ، بل ووصل الامر ببعض الآباء إلي قتل أبنائه وزوجته والتخلص من حياته في نهاية الأمر، والخطير في الأمر أن ليس هناك أمل في انفراجه قريبة لهذه الأوضاع المتدهورة ، مما يدفع المصريين لثورة جياع تلوح في الأفق .
بل نجد أن حكومة الانقلاب تواصل ضغطها على المصريين من خلال فرض الجبايات المستمرة عليهم ، وقد بلغت حصيلة الضرائب قرب 900 مليار جنية ،وازدادت أسعار الخدمات الحكومية المختلفة خلال الثلاث أعوام الماضية أكثر من 500%، ذلك بخلاف الرفع المستمر لأسعار المحروقات والكهرباء والمياه ، وبالأمس القريب خرج علينا كامل الوزير، وزير النقل، ليعلن عن زيادة في سعر تذكرة المترو ستُقرها الوزارة في أكتوبر المقبل، وأوضحت وزارة النقل أن أعلى سعر تذكرة مترو الآن، يبلغ عشرة جنيهات لأكثر من 25 محطة، وستزيد إلى 12 جنيهًا بالتزامن مع افتتاح مراحل جديدة من الخط الثالث للمترو!.
وبالتزامن مع تدهور الأوضاع بهذه الصورة القاتمة ، خرج علينا وزير الصحة في حكومة الانقلاب خالد عبد الغفار ، ليعترف بان 25% من المصريين مصابون بأمراض نفسية، مشيرا إلى أن هذه الأمراض تشمل الاكتئاب والقلق والضغط النفسي والعصبي وغيرها ، وتناسى الوزير الهمام ان يعترف بأن سياسات نظامه وحكومته الفاشلة ، هى التي كانت السبب الرئيسي في إصابة المصريين بهذه الأمراض ، بل علينا ان نؤكد أن أكثر من 95% من المصريين الان يعانون من ضغوط نفسية غير مسبوقة ، بسبب حالة العجز التى يعيشونها في هذه الأوقات الصعبة من تاريخ مصر .
وبدلا من ان يبحث القائمين على شئون مصر الان عن حلول للأزمة التي يعيشها المصريين ، نجد وزير مالية حكومة الانقلاب ، محمد معيط، يعلن في تبجح غير مسبوق ، مواصلته لبيع أملاك مصر وإغراق مصر في مزيد من الديون ، من خلال طرح أول إصدار من الصكوك الإسلامية السيادية في تاريخ مصر، بضمان رهون عقارية عامة، بأعلى عائد دولي، بلغ 11.625%، مقابل ضمان وزارة المالية لسداد القرض والعائد السنوي، ولمدة 3 سنوات، وذلك بقيمة 1.5 مليار دولار، حيث بلغت قيمة الاكتتاب نحو 6.1 مليارات دولار، وهو ما يعادل أكثر من 4 أضعاف قيمة الطرح ، بهدف سداد سندات دولية لأجل خمس سنوات قيمتها 1.25 مليار دولار، مستحقة في فبراير الجاري .
كما تتجه الحكومة المصرية لطرح المزيد من إصدارات السندات في الأسواق العالمية هذا العام، سعياً للحصول على قروض جديدة مع تنويع مصادر التمويل، وسبق أن أعلنت الوزارة خطتها لطرح أول إصداراتها من سندات الباندا المقومة باليوان الصيني بقيمة 500 مليون دولار في الصين في الربع الأول من العام الجاري، وإصدار 500 مليون دولار من سندات التنمية المستدامة قبل نهاية العام المالي الحالي 2022-2023، الذي ينتهي في 30 يونيو المقبل.
ذلك بخلاف بيع حكومة الانقلاب حصص في شركات حكومية، في إطار اتفاقية مع صندوق النقد ، بقيمة 3 مليارات دولار، علماً أن الصندوق يقدّر فجوة التمويل الخارجي بنحو 17 مليار دولار خلال البرنامج الممتد 46 شهراً، ومن المتوقع أن تفتح الصفقة نحو 14 مليار دولار إضافية من شركاء دوليين وإقليميين ، كما خفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني تصنيف مصر السيادي درجة واحدة إلى B3 من B2، مشيرة إلى تراجع احتياطياتها من النقد الأجنبي وقدرتها على امتصاص الصدمات الخارجية.
اليس هذه السياسات المجرمة ، التي تستهدف تجويع المصريين ، وبيع ممتلكاتهم ، كافية لان تدفع بالمصريين للخروج للشارع ، ولتصحيح اوضاع أوطانهم ، قبل ان يفرط النظام فيما تبقى منه ، لذا تتنبأ الصحف ومراكز الابحاث الغربية ، بثورة وشيكة تطيح بهذا النظام الفاسد الذي أصبح استمراره يعنى قتل 100 مليون مصري بالجوع والفقر.